كتب حامد الدقدوقي….
يوم 14 شباط/فبراير.. عام 2005 نفذت مجموعة ما يسمى ميليشيا حزب الله عملية تصفية رئيس وزراء لبنان السابق الرئيس رفيق الحريري وهذا استنادا الى قرار المحكمة الدولية الخاصة، ونجح الاغتيال في تغييب الحضورالجسدي للزعيم السياسي الذي بنى مجده على نظافة كفه وعدم انغماسه في الحرب الأهلية وواسع خدماته التي عمت جميع الأراضي اللبنانية واستفاد منها كثيرون من أبناء الوطن من مختلف الطوائف والانتماءات…
يومها اي عقب الاغتيال، انتفض الشعب وتوحد في الساحات رافضاً الوجود السوري ومطالباً بخروج جيشه لإيمانهم المطلق بتواطؤ هذا النظام على ارتكاب هذه الجريمة إن لم نقل بطلبٍ وتوجيهٍ منه.
نجح الشعب الذي وحده الاغتيال في إخراج النظام السوري من لبنان، كما نجح الحزب وحلفاؤه والمتواطئين معه بتغييب الزعيم رفيق الحريري الجسدي عن الساحة السياسية المحلية والاقليمية والدولية
احتضنت الطائفة السنية وكل السياديين اللبنانيين عائلة الشهيد رفيق الحريري ودعمتها دون حدود لإكمال مسيرته وإبقائها حية في قلوب جمهوره وأنصاره ومحبيه..
العائلة تعهدت يومها بإكمال مسيرته السياسية والاجتماعية فاختارت من بين أفرادها ابنها سعد للاستمرار بالعمل السياسي كما تعهدت ارملة الرئيس الشهيد نازك الحريري باستمرار التقديمات الاجتماعية وإشرافها الشخصي على كل المؤسسات الاجتماعية والتربوية والصحية…
ولكن سرعان ما استفاقت العائلة من هول صدمة الاغتيال واستدارت لإدارة خلافاتها وتصفية حساباتها وتحول الزعيم العملاق رفيق الحريري إلى مجرد ذكرى لا يتجاوز الحديث عنه اكثر مما تتضمنه ورقة حصر إرث واملاك يتقاسمها الورثة ويتناتشها الزمرة المحيطة بهم…
فتركت ابنها سعد يغرق في وحول السياسة اللبنانية ويتلقى الطعنات من ذوي القربى ويرتكب من الاخطاء والسقطات اكثر مما يمكن ان يتحمله رجل سيلسي وزعيم وطني ينتظر منه المواطن اللبناني الكثير .. الكثير
وأقفلت أرملته التي وعدت باستمرار التقديمات الاجتماعية، كافة المراكز الصحية والخدماتية رغم انها لا تعاني من أزمة مالية، بل كانت هذه المؤسسات قادرة على تغطية مصاريفها بنفسها، كما أقفلت مراكز الخدمات الاجتماعية وباعت البساتين والممتلكات التي ورثتها عن الرئيس الشهيد. واستوطنت بلداً بديلاً عن لبنان وكأنها بذلك تعلن عدم العودة النهائية لبلد قدم زوجها روحه من أجل سيادته وحريته، واكتفت باصدار بيانات عاطفية تكتب لها في ذكرى ولادته واستشهاده وتبثها على الشاشة عبر البحار..
وآخر انتهاكات هذه العائلة يتمثل بهدم مبنى تلفزيون المستقبل القديم الذي شهد على انطلاقة الشاشة الزرقاء التي أسسها الشهيد رفيق الحريري وبقي المبنى المحترق شاهداً على حقد من نفذ عملية اغتياله فحاول إحراقها في غزوة قطعان ما يسمى بحزب الله وحلفائه في 7 أيار/مايو عام2008..
كما تخلت العائلة عن لعب دورها الجامع بان ابتعدت عن الجمهور الذي وقف الى جانبها، وبذلك فقد ساهمت بخلافاتها وطمعها وإقفال جميع مؤسسات الشهيد رفيق الحريري الاجتماعية والصحية بتحقيق التغييب الفعلي له عن الساحة اللبنانية، وبذلك تكون قد قدمت خدمة مجانية لما كان يطمح له منفذي جريمة 14 شباط …
ولكن رغم كل هذه الإخفاقات التي أصيبت بها الساحة السنية منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى يومنا هذا الا ان الإحباط ليس قدراً لطائفة يتخطى دورها الحدود الجغرافية للبنان فهي جزأ لا يتجزأ من أمه عربية تؤمن بتاريخها وتحمل هويتها وتدافع عن مشروعيتها ووجودها وتتميز بتنوع وتفوق أبنائها ولا تتوقف عند شخصاً أو مجموعه فكل من ينتمي إليها يكبر بها ومن يبتعد عنها وعن عروبتها وتاريخها يصغر مهما تدرج في ارفع المناصب.. لان المواقع لا تصنع الرجال، بل ان الرجال القادة والمخلصون هم من يصنعون المناصب..
ما يجري بين افراد العائلة يمكن ان نصفه بانه اغتيال ثاني وحقيقي للرئيس الشهيد رفيق الحريري.