كتب حامد الدقدوقي…
دعا رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد، مقاتلي حماس إلى “الاستسلام الآن”، قائلاً إنّ نهاية الحركة أصبحت قريبة مع اتساع نطاق الحرب المستمرة منذ أكثر من شهرين في قطاع غزة.
وقال نتنياهو في بيان إنّ “الحرب ما زالت متواصلة لكنها بداية النهاية لحماس. أقول لإرهابيّي حماس: انتهى الأمر. لا تموتوا من أجل السنوار استسلموا الآن”، في إشارة إلى زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار.
غريب أمر هذا المخلوق الذي لم يتعظ من مجريات الحرب ولم يستفد من دروس التاريخ القريب والبعيد، ولم يحاول فهم عقلية الشعب الفسلطيني الذي ما زال يتمسك بأرضه ومقدساته رغم تخلي دول العالم عنه وتركه في الميدان يقاتل ويقتل وحده.
فهذا الشعب رغم النكبة التي ألمت به عام 1948 يوم طردت العصابات الصهيونية ما يزيد عن 750 ألف فلسطيني من دياره وأرضه، وحولتهم إلى لاجئين في أصقاع الأرض، ظناً منهم أنهم بهدم أكثر من 500 قرية، وتحويل المدن الفلسطينية الرئيسية إلى مدن يهودية، يستطيعون محو تاريخ شعب فلسطين العربية، مراهنين على مرور الزمن وتبدل الأجيال وضياع القضية ونسيانها.
وما مشاريع التطبيع التي روج لها الكيان الصهيوني بزريعة نشر ثقافة التسامح والعيش بسلام مع أنظمة الدول العربية، مترافقة مع تطوير الاستثمارات لتنعم الشعوب بالبحبوحة الاقتصادية، إلا محاولة منه لمحو القضية الفلسطينية من عقول وضمير الشعوب العربية التي لم ولن ترضى بالتطبيع في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من إجرام قل نظيره عبر التاريخ، وعمليات تصفية وتهجير جماعي كشفت العدو على حقيقته المجرمة الرافضة لأي سلام ممكن معه في ظل حكومات التطرف الصهيوني
ورغم مرور ما يقارب 75 عاما على النكبة الفلسطينية، ورغم كل الضحايا التي سقطت وما زالت تسقط على أرض فلسطين، ورغم الدعم الدولي الغير محدود للعدو في إجرامه، ورغم تخاذل معظم القيادات العربية، ومع تعاقب الأجيال، ما زالت القضية الفلسطينية تشكل المحور الرئيسي عند الشعوب العربية والإسلامية.
فنتانياهو الذي يخاطب حماس باستعلاء المنتصر، معلنا بداية نهايتها، طالبا من مقاوميها الإستسلام وعدم الموت من أجل زعيمهم، يكشف ليس عن جهل بالتاريخ فحسب بل بالغباء المستشري بهذه العصابة الحاكمة في الكيان الصهيوني.
فحماس فكرة وعقيدة والفكرة لا تموت والعقيدة لا تتغير ولا تتبدل، وإنهائها ضرب من الخيال لا يمكن تحقيقه ولو قضي على كل أفرادها الحاليين، سيخرج جيل جديد ينتمي إلى نفس العقيدة ويحمل نفس الأفكار، وان شبابها لا يقاتلون من أجل السنوار بل من أجل رب السنوار، ودفاعا عن كرامتهم وأعراضهم التي ينتهكها الاحتلال يوميا على كامل الأراضي الفلسطينية، منذ وطأت أقدامه أرضها المقدسة على مر وسمع دول العالم.
فخطابات وبيانات نتانياهو ليست سوى بروباغندا إعلامية وحرب نفسية علّه يغطي على هزائمه المتلاحقة وفساده المستشري داخل الكيان، وعله يشعر بنشوة النصر المستحيل تحقيقه مهما طال أمد الحرب.