كتب سليمان جوزيف فرنجيه…
جوزيف مخلوف، شاعر وروائي لم ينصفه الإعلام كما يجب، أو ربما هو كان بعيداً عن الظهور، هكذا كانت افتتاحية مقابلته لجريدة النهار مع ساجدة جمال في 09 – 06 – 2022 تحت عنوان: “الشاعر والروائي جوزيف مخلوف”. هو المولود في الثاني من تموز من العام 1967 في زغرتا. يعرّف عن نفسه في أحد منشوراته الفيسبوكية كالتالي: “أنا هو الكاتب العفوي الذي سجل صعودًا مفاجئًا، بسبب الاهتمام بصفحتي على “الفايسبوك” وما حصدته من إعجاب وشعبية.
أنا لا أتعب لأكتب، أنا ألعب. أنا ذلك الصبي الفجّ والحساس، البريء والشرس، أبدو متفلتًا من لغة لا أكتبها بل أكتب دائما في موازاتها. لغة غير تلك التي تعلّمُها مناهج جامعية لم أخض فيها، أو التي تروّج لها مؤسسات، قفَزت كمشاغب فوق أفخاخها. لغة نجت من عملية الترويض وكل هدفها أن تصل حادة وحارة.
ولدت في إهدن الساحرة، وأنا بدون أدنى شك أفهم واحد فيكم. هذه الجملة حملتني إلى حيث أقيم حاليًا، وستكون بداية عنوان حياة أخرى، بعدما اكتشفت أنني موهوب فوق العادة. ولهؤلاء الذين ما زالوا يتساءلون من هو أنا:
أنا مقيم في المدينة، حيث لا تذهب الفتيات إلى المقاهي، وحيث لا يوجد بناء أعلى من برج المر المخالف. في المدرسة، كنت أجلس في المقعد الأخير. وفي الجامعة، تعرّفت إلى فتاة غير محجّبة تحمل جوالا فيه بلوتوث. أنا أعمل حدّادًا، يعني مطرقة وجلخ ومفتاح 13\14. أنام مع سبعة إخوة في الغرفة نفسها، ولا أملك خزانة، لذلك أخبّئ رسائلي الخاصة في قنّ الدجاج – أحيانا تبيض الدجاجة فوق كلمة أحبّك، وفي أحيانٍ أخرى تتغوّط فوق الملاحظة التي في آخر الرسالة. أمّي لا تعرف كيف تطبخ اللازانيا، وحتى السنة الماضية كنت أظنّ أنّ الكرواسان نوع من الطعام الغالي يؤكل بالشوكة والسكّين. كلّ مساء، أحلم أنّني هانيبال ليكتر وأمامي على الطاولة دماغ الفتاة التي أحبّها. في الحارة، يسخر الأولاد من الشامة التي في يدي، وأخي الكبير لا يصدّق أنّني شاعر. أمّا أولاد عمّي، فلو حدث أن عرفوا أنّني شاعر لطبّلوا خلفي بالطناجر والتنك وكأنّني مجنون الضيعة. عندي قلم رصاص أخربش به أحيانا، وأبريه بالسكين، وآخر أزرق، غالٍ، جاءني هديّة، ثمّ انفجر في جيب قميصي.
في الأعراس، أجلس قريبًا من المطرب. في خيم العزاء، أنا من يقدّم القهوة المرّة، وفي المقاهي طاولتي دائمًا هي طاولة المقطوعين. أنا جوزيف مخلوف، أداعب رقبة الحمار الذي يسكن داخلي لكي ينمو مثل ذئب أعمى. ينمو وينام بالقرب من قلبي” نشرت في 9 آذار 2020.
تعلم في مدرسة الآباء الكرمليين في طرابلس ومع اندلاع الحرب انتقل من بعدها بفترة إلى فرنسا هربًا من الميليشيات والإنخراط فيها وتخرج من الليسيه لافوازييه. من بعدها تخرّج من جامعة باريس حاملاً شهادة بالمعلوماتية والتسويق. عمل متنقلاً في العديد من البلدان إلى أن رجع إلى لبنان. كانت حياته العاطفية غير موفقة ولديه ابنة وحيدة إسمها كيم ويقول عنها “هي كل ما تبقّى له من هذا الحطام المتراكم”. وفي إحدة المرات قال عنها هي أجمل ما أنعم الله بها عليه. لديه العديد من المؤلفات منها:
– جسد الهاوية -–نصوص – 1999
الأسئلة المزمنة – رواية – 2005
سيرة ناقصة – سرد – 2015
النص المفتوح – نصوص – 2017
حبيبتي أم سمير – سرد – 2018
أحمل الملائكة – نصوص – 2020
بانسيون أبو وحيد – سيرة – 2022
أختم هذا العرض السريع الذي يعرف عن صديقي الأستاذ جوزيف طنوس مخلوف، المثقف المظلوم، في مجتمع لا يسامح من يخطئ. لكل منا تجاربه الخاطئة ومنها الصحيحة. في مجتمع يجلد الخاطئ حتى التدمير وجد جوزيف مخلوف بصيص أمل في الغد الأفضل حيث وجود “قديم الأيام” (أي الله) عبر الإيمان والتوبة وحسن السيرة. سيرة جوزيف هي درس نتعلم منه أن نعيش قناعتنا ضمن الأطر الأخلاقية والإجتماعية. ضمن هذه النظم والعيش من أجل الإلتقاء من تهواه كل نفس. تجدر الإشارة إلى أن جوزيف مخلوف إنتقل إلى السماء في 22 شباط 2023. فلترقد روحه بسلام.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.