كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:
احتوت السلطات اللبنانية، الأربعاء، أزمة دعوة «حزب الله» لإضاءة صخرة الروشة في بيروت بصورة أمينيه العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين في ذكرى اغتيالهما، الخميس، وذلك في «تسوية» قضت بمنع إضاءة الصخرة، والسماح في الوقت نفسه للحزب بإقامة الفعالية الشعبية في المكان.
وأثار إعلان «حزب الله» في الأسبوع الماضي عن إضاءة صخرة الروشة، بصورة أمينيه العامين السابقين في الذكرى الأولى لاغتيالهما، جدلاً واسعاً في البلاد، وأثارت الخطوة رفض نواب يمثلون مدينة بيروت، وعدَّ هؤلاء أن الصخرة هي مَعلم أثري، ويجب ألا تُخصص لفعاليات سياسية وحزبية.
واستُتبع الأمر بتعميم أصدره رئيس الحكومة نواف سلام، وجَّهه إلى جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والأجهزة المعنية بشأن الالتزام بتطبيق القوانين التي ترعى استعمال الأملاك العامة البرية والبحرية والأماكن الأثرية والسياحية والمباني الرسمية والمعالم التي تحمل رمزية وطنية جامعة، وطلب فيه «التشدد في منع استعمالها قبل الاستحصال على التراخيص والأذونات اللازمة».
تجمع بلا إضاءة الصخرة
قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «حصل على ترخيص من محافظة بيروت لإقامة تجمع في المنطقة، لكن لم يحصل على إذن بإضاءة صخرة الروشة»، مشيرة إلى أن الفعالية ستتم في المنطقة عبر تجمعات إحياء للذكرى، وستكون «وسط تدابير أمنية يتخذها الجيش اللبناني».
وقالت مصادر أخرى معنية بالملف إن الترخيص للتجمع «منحته محافظة بيروت لجمعية تحمل اسم (الجمعية اللبنانية للفنون) وهي مقربة من الحزب؛ لإقامة وقفة رمزية يتخللها عزف النشيد الوطني اللبناني وأناشيد أخرى، ولا تتضمن طلباً لكلمات سياسية، وهو أمر يكفله القانون اللبناني»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «محافظ بيروت مروان عبود أعطى ترخيصاً للجمعية بإقامة الفعالية بناءً على الطلب المقدم، وعلى أساس تعهد المنظمين بإقامة وقفة رمزية»، مضيفة أن «الطلب والترخيص لا يتضمنان إضاءة صخرة الروشة».
تسوية سياسية
يُنظر إلى ما جرى على أنه «تسوية سياسية» أنهت ما يمكن أن يتحول تأزماً في الشارع، وجرى إعطاء الترخيص على أساس عدم إضاءة صخرة الروشة «تنفيذاً لتعميم رئيس الحكومة»، حسبما قالت المصادر.
وشملت المباحثات، وفق معلومات «الشرق الأوسط»، اتصالات على مستويات نيابية وأمنية ووزارية عدة، بينها اتصالات بين رئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس البرلمان نبيه بري، فضلاً عن زيارات قام بها نواب «حزب الله» إلى وزير الداخلية أحمد حجار، ومحافظ بيروت.
وسعت الاتصالات إلى «إنهاء توتر بدأ يظهر في مواقع التواصل الاجتماعي»، مع رفض جمهور «حزب الله» تعميم رئيس الحكومة، وتأكيده أنه سيضيء الصخرة بمعزل عن القرار. وقالت المصادر: «إضافة إلى تخفيف حدة التوتر، عملت الاتصالات على تأكيد الالتزام بتعميم رئيس الحكومة وعدم مخالفته». وقالت إن الاتصالات السياسية مهّدت لتلك التسوية التي تؤكد حق أي لبناني بالتجمع تحت سقف القانون، ومنع خرق التعاميم والقرارات الرسمية.
وقالت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات خلال الأيام الأخيرة لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الداخلية أحمد الحجار، التقى قبل هذا القرار نواباً عن «حزب الله»، وبذل جهوداً وكان له دور بتأكيد الموقف الرسمي وضرورة تنفيذ التعميم الصادر عن رئيس الحكومة.
كذلك، قالت المصادر إن النائب عن «حزب الله» الذي يمثل بيروت، أمين شري، كان التقى المحافظ مروان عبود قبل حصول الحزب على الترخيص بإقامة الفعالية في المنطقة، ولفتت إلى أن المنظمين أكدوا التزامهم بالقوانين اللبنانية المرعية الإجراء.
فعاليات شعبية وسياسية
يحيي «حزب الله» الذكرى السنوية لاغتيال أمينه العام حسن نصر الله، بفعاليات شعبية وسياسية تمتد حتى 12 تشرين الأول المقبل.
وتبدأ الفعاليات، الخميس، على الواجهة البحرية لمدينة بيروت، بتجمعات ومسيرات، ويُقام احتفال رسمي ومركزي، السبت، يتخلّله كلمة للأمين العام للحزب نعيم قاسم، بينما تتضمن الفعاليات اللاحقة أمسيات قرآنية.
واغتالت إسرائيل نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، في 27 أيلول 2024، في حين اغتالت خلفه هاشم صفي الدين في 3 تشرين الأول في 2024.