كتب عبد الله طالب المري..
من جديدٍ تكتبُ دولةُ قطرَ فصلًا جديدًا من تاريخِ الريادة الرّياضيّة، بتنظيم بطولةِ كأس آسيا قطر 2023، التي افتتحَها حضرةُ صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدَّى، في استاد لوسيل مساءَ أمس.
شهدَ حفلُ افتتاح البطولة عروضًا فنيةً وثقافيةً وفقراتٍ حيّةً – حول أهم الموروثاتِ الأدبية الآسيوية- وفصولًا قصصيةً استمدّت إلهامَها من الثقافات المتعدّدة والغنية للدول المشاركة، ومستوحاة من أحد أشهر الأعمال الأدبية في القارّة الصفراء «كليلة ودمنة»، وهو الكتابُ الشهيرُ الذي يتكوّن من 15 بابًا رئيسيًا، ويحتوي على قصص خيالية أسطورية بأبطال تشبيهيَّة من الطيور والحيوانات.
وحملت فقراتُ الحفلِ رسائلَ هامة -من منتخبات الدول ال 24 المشاركة- للعالم، منها الاعتزازُ بالهُوية، واستلهامُ الحكمة من تراثنا الأدبي، والدعوةُ للسلام والتمسّك بروح العزيمة والقيم النبيلة في مواجهة تحديات العالم، وتجاوز كل العقبات لتحقيق الأهداف الكُبرى.
كما كانت الترويدةُ الفلسطينيةُ حاضرةً في حفل افتتاحِ البطولة القارّية.. والتي استُهلت بعبارة: «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي»؛ تعبيرًا عن روح التضامن مع الشعب الفلسطيني، كما لو كانت تلك البطولة -التي يشارك فيها المنتخبُ الفلسطينيُّ- إهداءً إلى الشعب الفلسطيني المُناضل، وأن القضية الفلسطينية حاضرة في كافة الفعاليات القطرية.
كما شهدَ الحفلُ لقطةً لافتةً، خطفت الأضواء وحظيت باهتمام إعلامي واسع، بمنحِ حسن الهيدوس -كابتن منتخب قطر- شرفَ تأدية قسم البطولة نيابةً عن جميع اللاعبين، لكابتن منتخب فلسطين مصعب البطاط.
كتبت ضربةُ البداية لبطولة كأس آسيا AFC قطر 2023، شهادةَ نجاحٍ مبكرٍ للبطولة، على أرض استاد لوسيل، الذي شهد قبل 13 شهرًا احتضانَ النهائي الأسطوري بين الأرجنتين بطلة العالم ووصيفتها فرنسا في بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.. فالنجاحُ الذي يشهده تنظيمُ كأس آسيا هو إرث مونديال قطر 2022 البشري، بالتنظيم الرائع وحسن استثمار البنية التحتية والاستادات المُتطورة، ووسائل النقل والمواصلات الحديثة؛ لإتاحة الفرصة لحضور ومشاهدة المباريات والاستمتاع بالفعاليات المُصاحبة، وتَكرار تجربة كأس العالم، وعيش أجواء المونديال مرة أخرى لجماهير كأس آسيا.
ومن حفل الافتتاح الذي كان عنوانه البساطة وعمق الرسائل، إلى أهميّة وعوامل نجاح البطولة التي نقلتها 60 شبكة تلفزيونية بعرض المباريات، على امتداد أكثر من 160 دولةً وإقليمًا بكافة أرجاء العالم، تؤكّد بطولة كأس آسيا قطر 2023 مكانةَ دولة قطر بتنظيم أكثر نسخة تحظى بالتغطية في تاريخ البطولة.
كما يمثّلُ عنصرُ التنظيم والأمن أهم عوامل نجاح البطولة، حيث تنفذ قوة أمن بطولة كأس آسيا قطر 2023، خططًا أمنية محكمة وسلسةً لتأمين البطولة وَفق أعلى معايير الأمن والسلامة، تظهر كفاءة العناصر الأمنية المُشاركة في التأمين، من أجل أمن وسلامة كافة المُشاركين، وضمان استمتاع الجماهير بالبطولة، وتشجيع مُنتخباتهم في أجواء سعيدة.
وتراعي الخططُ الأمنيةُ اعتبارات طبيعة المنافسة الرياضية، ورغبة الجمهور في الاستمتاع من جهة، وحماية الجماهير وتوفير أقصى درجات الأمن والراحة لكل الأطراف المُشاركة في البطولة من جهة أخرى.
وقام رجالُ الأمن والمتطوعون بدور كبير أمس في تسهيل مهام الجماهير في الوصول لاستاد لوسيل الأيقوني، ما ساهم في استمتاع الجماهير بالفعاليات والأجواء الرائعة بسهولة كبيرة، وهو ما حدث في العديد من المواقع التي تشهد تنظيم فعاليات مصاحبة للبطولةِ.
كما شهد مترو الدوحة إقبالًا جماهيريًا كبيرًا، حيث حرصت الجماهير على الحضور للاستاد من خلال المترو، وهو ما يؤكد الثقافةَ والوعي الكبيرين اللذين باتت عليهما الجماهير.
كما وفّرت وزارة المواصلات مواقف «اركن وتنقل» التي توفر الدعم لشبكة النقل العام وعمليات تشغيل مترو الدوحة لخدمة مشجعي كأس آسيا، وتشجيع أفراد المُجتمع على استخدام النقل العام الصديق للبيئة، حيث تتواجد المواقف في أكثر المناطق الحيوية داخل دولة قطر.
كما يقومُ المترو بنقل جماهير البطولة إلى 5 ملاعب من أصل 9 ملاعب تستضيفُ مباريات البطولة الآسيوية، فيما الملاعب الأربعة الأخرى، سيتم الوصول لها عن طريق الحافلات التي توفرها اللجنة المنظمة المحلية للبطولة.
وقد أسعدنا الحضور الجماهيري الكبير من الصباح وحتى نهاية مباراة منتخبنا الوطني أمام المنتخب اللبناني، وسط أجواء رائعة ستتركُ ذكريات لن تنسى في عقول الجماهير، التي تواجدت في هذا اليوم المُميز.. فالجمهور سيظل اللاعب رقْم 12 في دعم العنابي، في كافة البطولات، كما واصلت الجماهير القطرية تقديمَ الأفكار الإبداعية لدعم منتخبنا الوطني في كأس آسيا، عبر منصات التواصل.
ويبقى أهمُّ عوامل نجاح البطولة، هو الدعم المباشر من حضرة صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المُفدَّى، ومُتابعته المباشرة لكافة مراحل الإعداد والتنظيم والتأمين للبطولة؛ لتقديم بطولة استثنائية في أجواء مثالية، توفر الراحة وحسن الاستقبال والضيافة القطرية العريقة للجماهير والفرق المشاركة، وتقدم صورة مشرقة لدولة قطر وما تشهده من نهضة وتنمية عمرانية شاملة، متمسكة بأصالتها وقيمها، وجاهزة دومًا لتقديم الأفضل على طريق التقدّم والازدهارِ.
ونقول للمنتخبات المشاركة في كأس آسيا: «ارحبوا في دوحة البطولات لتقديم مباريات قوية تُسعد جماهير آسيا.. وفالكم طيب» .
المصدر: الراية