في ظلّ تركيز المجتمع الدولي على أولوية الإصلاح ومكافحة الفساد كشرط أساسي لأي دعم خارجي للبنان في مسار الإنقاذ والتعافي من أزمته المالية والاقتصادية، تزداد التساؤلات الداخلية حول صدقية وفعالية الخطوات الحكومية المتخذة في هذا السياق.
غير أن مصادر حقوقية مطلعة نبّهت إلى أن الإجراءات الحالية المتخذة تحت عنوان “مكافحة الفساد” تبدو انتقائية ومحدودة، محذّرة من أن بعض الملفات تُستثمر لأهداف “تسويقية” أكثر منها إصلاحية، ما يشكّل خطراً على مبدأ العدالة ويشوّه جوهر المساءلة القانونية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قضية وزير الاقتصاد السابق أمين سلام، والتي حازت اهتماماً واسعاً في الإعلام، تُعدّ نموذجاً على هذا النهج. فبدلاً من انتظار نتائج التحقيقات القضائية، تمّ التركيز على تفاصيل شخصية ونشر معلومات غير دقيقة، وصلت في بعض الحالات إلى حد التشهير الممنهج، ما تسبّب بضغط نفسي كبير على عائلته، لا سيما على والده المسن وزوجته وأطفاله.
وتعتبر المصادر أن ما جرى يدخل في خانة الترهيب الاجتماعي، وليس المحاسبة القانونية، داعيةً إلى العودة إلى الأصول القضائية والابتعاد عن التضليل الإعلامي الذي يُضعف الثقة في مسار مكافحة الفساد الحقيقي.
وأضافت المصادر أن استمرار هذا النهج الاستنسابي قد يؤدي إلى تقويض الجهود الإصلاحية برمتها، مشددة على أن مكافحة الفساد يجب أن تكون شاملة، عادلة، وشفافة، لا أداة للانتقام أو تصفية الحسابات السياسية أو الشخصية
