كتب حامد الدقدوقي…
في الأيام الأخيرة ضجّت الأوساط الشعبية بخبر انتحال أحد أبناء عكار صفة “أمير سعودي” وما تبعه من روايات عن عمليات نصب طالت بعض السياسيين والشخصيات العامة القصة التي بدت في بدايتها أشبه بمسرحية كوميدية تحولت سريعاً إلى مادة دسمة للنقاش الشعبي حيث تداخلت السخرية مع الغضب والتهكم مع الدعوة إلى المحاسبة
في الشارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي لم ينظر إلى الحادثة كواقعة فردية بل كمرآة لواقع سياسي مأزوم كثيرون رأوا أن سهولة انخداع بعض المسؤولين تكشف هشاشة المنظومة واستعدادها للانجرار وراء أي “لقب” أو “منصب” بحثاً عن مكاسب شخصية التعليقات الأكثر تداولاً حملت نبرة ساخرة “دهّان سيارات صار أمير” في إشارة إلى أن منتحل الصفة لم يكن يملك سوى الجرأة والخيال ومع ذلك تمكن من خداع من يُفترض أنهم أصحاب خبرة ونفوذ.
لكن خلف السخرية برزت موجة غضب واضحة فالمواطنون الذين يعانون من انهيار اقتصادي وغياب الخدمات وجدوا في القصة دليلاً إضافياً على أن السياسيين ليسوا ضحايا بل شركاء في الفساد وأن استعدادهم للتعامل مع “أمراء وهميين” يعكس عقلية تبحث عن الصفقات لا عن خدمة الناس البعض ذهب أبعد من ذلك معتبراً أن الحادثة ليست سوى رأس جبل الجليد في شبكة علاقات مشبوهة بين السياسة والمال.
في المقابل ارتفعت أصوات تطالب بمحاسبة جدية ليس فقط للمنتحل بل أيضاً للسياسيين الذين تعاملوا معه باعتبارهم مسؤولين عن إضفاء الشرعية على هذه المهزلة هذه الدعوات تكشف عن رغبة شعبية في كسر حلقة الإفلات من العقاب وإعادة الاعتبار لمفهوم المسؤولية العامة
القصة وإن بدت طريفة وغريبة تحمل دلالات عميقة، لبنان الذي يعيش على وقع الأزمات بات مسرحاً مفتوحاً للنصب والاحتيال حيث تختلط الألقاب الوهمية بالصفقات الحقيقية وحيث السخرية الشعبية تتحول إلى وسيلة للتعبير عن اليأس في النهاية ما يُحكى في الأوساط الشعبية ليس مجرد نكتة بل شهادة على أزمة ثقة متفاقمة بين الناس والسلطة أزمة تجعل من “الأمير الوهمي” رمزاً لواقع سياسي فقد صدقيته.
*الصورة انتاج الذكاء الاصطناعي
