ترتفع أصوات رسمية دولية بين فترة وأخرى موجهة التهم لمجموعات متشددة أو أحزاب بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب عبر المصارف اللبنانية، لترد السلطات اللبنانية المعنية بتقارير تثبت العكس، في ظل الاهتمام الدولي والمحلي بتركيز المجموعات الإرهابية، خصوصاً تنظيم داعش، على نقل أمواله المنهوبة من حروب المنطقة، أو محاولات جهات عدة تمويله عبر المصارف.
وما كشفته وزارة الاقتصاد الفرنسية المكلفة بمكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب – تراسفين، منذ يومين، عن خلية مصرفية تعمل لصالح داعش في لبنان وتركيا مؤلفة من حوالي 200 شخص، يثير الريبة في قدرة التنظيم على التغلغل بين موظفي هذه المصارف. وأشار التقرير إلى أنّ هؤلاء يتلقون مبالغ من داعش بهدف استمرار عمله في البلدين.
للتخفيف من وطأة الاتهام، يشرح الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي لـ"ليبانون ديبايت" كيفية تعاطي المصارف اللبنانية مع أية عملية إيداع أو قرض، مشيراً إلى أنّ الزبون النظيف الكفّ يتم الاستقصاء عن هويته وطبيعة وحجم عمله وربطهم بمبلغ القرض المطلوب أو الإيداع، وعمّا إذا كان لديه أية ارتباطات بمنظمة إرهابية، لإبعاد الشكوك عن الشخص، باعتبار أنّ المصارف تكمن أولويتها في الحفاظ على ديمومتها، وبات هذا الهاجس يخيف أصحاب المصارف تبعاً للظروف التي تمرّ بها المنطقة. من هذا المنطلق، يستبعد الخبير وقوع المصارف في هذا النوع من الأفخاخ، مشيراً إلى أن هذه الاجراءات تُتخذ بحق الشخص النظيف فكيف لو كان مشتبهاً به.
لكن طريقة استدراج الزبون تختلف عن الموظف، وقد يتمكن عناصر التنظيم من استغلال وضعه المعيشي، أو حتى اغوائه إن كان ذو رتبة مصرفية أعلى، بشتى الطرق. يشكّك يشوعي بأن يقوم أي موظف أو مدير عام مصرف بالمخاطرة في هذا الأمر، لأن العقوبات كبيرة والنتائج وخيمة على مستقبله المهني ووضعه القانوني، وتبدأ العقوبات بتصفية المصرف وإحالته إلى المحكمة لمحاسبته، ولا تنتهي بالقضاء على سمعته ولا أحد يريد أن يعيش تجربة أحد المصارف اللبنانية المعروفة سابقاً.
أضف إلى ذلك، هناك هيكلية لمتابعة المصارف على رأسها مؤسسة مصرف لبنان، تليها لجنة الرقابة على المصارف، والمساهمون، ومجلس الإدارة، "العملية ليست بديهية، كما يظنّ البعض"، وفقاً ليشوعي.
وفي ظلّ وجود "الشنطة" لا داعي لاستخدام النظام المصرفي، بحسب الخبير الاقتصادي، موضحاً أن حدود لبنان البرية والجوية والبحرية المتفلّتة تسمح لداعش وغيره من التنظيمات الإرهابية إدخال المال الأسود أو التعامل وفق ما يُعرف بـ"dirty money". ويلجأ إلى هذه الوسيلة أيضاً جهة تعمل على تمويل الإرهاب، أو طرف خاضع لعقوبات اقتصادية أو يُمنع عليه التعامل مع المصارف. وهناك اعتراف واضح من جهات عدة أنها تتسلّم التمويل نقداً من دول أو نظام معيّن.
في السياق ذاته، لم تؤكد مصادر أمنيّة المعلومات الفرنسية ولم تنفيها، مشيرة إلى التنسيق بين المصارف والأجهزة الأمنية المعنيّة المتواصل، خصوصاً في حال تم التشكيك بمصدر أموال معيّنة، ولدى المصرف الحق الكامل بإبلاغ الأمن لعدم تحمُّل المسؤولية في حال أُثبت بالدليل القاطع تورُّط موظف أو جهة خارجية.
بدوره، أكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أمس، أن "الأجهزة الأمنية بالتعاون مع المصرف المركزي وهيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال تعمل لمنع استعمال المصارف اللبنانية لأية عملية تمويل للمجموعات الإرهابية".