كتبت نجاة الجميّل...
عندما انطلقت السلة الغذائية التي تضمنت حوالي 300 سلعة، تنفس اللبنانيون الذين يأنون من أوضاع معيشية صعبة، وتبخُّر مدخراتهم في المصارف، الصعداء. لكن نفسهم لم يدم طويلاً، وعادوا الى شراء أساسياتهم الحياتية بأسعار مرتفعة، على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار بعد انفجار الرابع من آب.
هناك من يحاول أن يقطع نفس اللبنانيين حتى بلقمة عيشهم. لم يكفِ هذه السلطة العاجزة كل أخبار فسادها وارتهانها واهمالها، فاستمرت بـ”تمرجلها” على مقومات حياة الناس لا سيما الفقراء منهم، بآلية دعم منقوصة حيناً، وبتهريب المواد المدعومة في كل الأحيان، فتوقف الدعم عن معظم المواد الغذائية من دون أن يتم الإعلان عن ذلك صراحة، وعلت صرخة الناس، “كيف مناكل على الـ7500″؟.
هذا الوضع المأزوم يترافق مع اقتراب احتياطي العملات الأجنبية الممكن استخدامها في مصرف لبنان من النفاد، وتتجه الأنظار الى آلية الدعم الجديدة التي ترتكز على مبدأ البطاقة التموينية التي تحدث عنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الا أن تفاصيلها لم تتبلور بعد.
تؤكد مصادر مطلعة على الملف أن هناك توجهاً من قبل مصرف لبنان للسير بموضوع البطاقات التموينية التي تعتبر بمثابة بطاقة ايداع تشمل كل اللبنانيين، وتتضمن قيمة المواد الأساسية، لافتة في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني الى أن المركزي لا يزال في طور وضع مسودة ورؤوس أقلام هذا المشروع، ولا أجوبة حاسمة لديه بعد، عن كل التفاصيل، إلا أن التنفيذ، يحتاج الى قرار تتخذه الحكومة اللبنانية.
من جهتها، تتوقع مصادر اقتصادية متابعة، أن تكون البطاقة التموينية التي ينوي مصرف لبنان إطلاقها لمساعدة اللبنانيين من خلال بطاقاتهم المصرفية، القادرة على استيعاب داتا معلومات كبيرة، وتسهيل المهمة تقنياً.
وتلفت، في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، الى أن من لا يملك بطاقات مصرفية، سيحصل بطبيعة الحال على بطاقات شبيهة بها كبطاقات الـDebit cards التي يتوقع أن تكون بحوزة كل اللبنانيين، محمّلة وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية متابعة الفئات الشعبية التي لا تملك حسابات مصرفية أو بطاقات ائتمانية، ويطالبها بالتكفل بهؤلاء وتقديم ما يلزم لتأمين الدعم لهم.
ويؤكد المصدر أن البطاقة التموينية تمنع التهريب وتضبطه، وستضمّ المواد الأساسية الأولية، والسلة الغذائية. ويوضح أن الدولة اليوم عاجزة عن معرفة ما إذا كان مواطنوها قادرين على دفع السلع المدعومة أم لا، ويلفت في المقابل الى أن المعلومات الشخصية التي تتضمنها البطاقة ستكون كفيلة بتسهيل مهمة الدعم تقنياً، حتى لو استلزم الأمر تقديم المواد التموينية باليد الى من لا يملكون بطاقات.
يجزم المصدر بأن هذا القرار يعود الى الحكومة اللبنانية المعنية المباشرة بالشأنين الاقتصادي والاجتماعي وبتحديد لائحة السلع والمواد المدعومة، وليس مصرف لبنان الذي يرتكز عمله على النقد فقط.
ويولي البطاقة التموينية أهمية كبيرة، لا سيما إذا رفع مصرف لبنان الدعم عن المواد الغذائية، ويلفت الى أن الشعب اللبناني برمته سيعاني من ارتفاع الاسعار بغض النظر عن ترتيبهم الاجتماعي، موضحاً أن دعم البنك المركزي للمواد الغذائية ليس دعماً بالمعنى الاقتصادي، إذ إن مصرف لبنان يقدم دولاراته او دولارات المودعين بالسعر الرسمي، إنما الدعم يكون عادة من المال العام، وبالتالي هذا ليس دعماً.
وعما إذا كان الميسورون يحتاجون الى الدعم أيضاً، يؤكد المصدر أن اللبنانيين بجميع فئاتهم متساوون امام الدستور، موضحاً أن العملية ستتم على الشكل التالي، “جميع اللبنانيين سيشترون المواد الغذائية الاساسية، وبالتالي يجب تحديد لائحة الدعم، أما من أراد شراء الكماليات من المواد الغذائية، فعليه أن يدفع مبالغ عالية، إذ لا يجب أن تشمل اللائحة هذا النوع من المنتوجات، وبالتالي يتساوى اللبنانيون في شراء موادهم الاساسية، بينما من يريد “الفنكرة” فليدفع ثمنها.