في احصاء عالمي أجري أخيراً، وضمن لائحة أكثر 10 بلدان تلوثاً حول العالم، تربع لبنان على عرش المرتبة الثالثة، بنسبة التلوث التي تزداد عاما بعد آخر، وترفع معها نسبة الأمراض والأوبئة والمشاكل الصحية والبيئية. مخاطر تحدق بالموارد الطبيعية من هواء ومياه وتربة وتنوع بيولوجي، تحوّلت الى أزمة كارثية لا يمكن الاستمرار بالسكوت عنها، اذ أصاب التلوث طعام وشرب وهواء المواطن اللبناني، والآتي أعظم.
في هذا الإطار، أطلق رئيس حزب البيئة العالمي، رئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية ضومط كامل صرخة عبر "ليبانون ديبايت"، دقّ من خلالها ناقوس الخطر محذّرا مما آلت اليه الأمور بعد ارتفاع نسبة التلوّث بمعدّل 20 % عن آخر عامين، وأكثر من 5000% عن التسعينات. وطاول التلوّث حياة المواطن وطوّقها من كل الاتجاهات، حتّى بات التخلّص من هذه الأزمة شبه مستحيل.
حمّل كامل مسؤولية الفشل لقيادات الدولة والوزارات المعنية، معتبرا ان التقصير عمره سنوات، وليس من عمر العهد الحالي، لكن أزمة النفايات كانت كفيلة بتدمير حياة المواطن نهائيا، ملقية ثقلها على كافة الموارد التي يتلقاها الانسان، من طعام، ومياه وهواء، الأمر الذي يؤدي الى تزايد سنوي بمعدلات حالات الأمراض السرطانية، وأضفى الأمر بغاية الخطورة.
تحدّث كامل عما أنتجته ازمة النفايات من كوارث بيئية، تجلّت أحيانا بمشاهد ملأت الشواطئ وأثارت جدل الرأي العام، الا ان الحلول بقت آنية، ولم ينظر في أساس المشكلة. وما يزيد الطين بلة، عملية حرق النفايات التي تتم من دون اي شروط أو رقابة، تطلق عبر الدخان المتصاعد منها كتل هوائية مشبعة بالتلوث يتنشقها المواطن، ناهيك عن تلك النفايات التي تتغلغل في الأتربة وتتكدس في المياه.
وتساءل كامل "هل من المعقول ألا يكون هناك حل جذري وفعلي لأزمة النفايات؟ هل نحن البلد الوحيد الذي لديه نفايات؟"، معتبرا ان "هناك من يفضّل عدم ايجاد حلول، لأن بعضها المقترحة لا تتناسب مع مصالحه الشخصية. واليوم هناك ضرورة ماسة لاستراتيجية نفايات عن 100 عام مقبل، وأنا مستعد شخصيا لتقديم هذه الاستراتيجية كاملة للدولة على أن يباشر بالعمل على أساسها، لأن الوضع لم يعد يحتمل".
لم تقتصر الأزمة على النفايات، وعدّد رئيس الخبراء أنواع التلوّث الذي لم يسلم لبنان منها، وذكر بالإضافة الى التلوث المائي والغذائي والبيئي, الضوضائي والضوئي. فنسبة الضوضاء التي تصيب آذان المواطن التي تزيد نسبتها عن تلك المعتدلة، تؤدي الى ارتفاع نسبة التوتر لديه، وتؤثر سلبا على صحته. وحتى المواطن عليه ان يبقى عدد ساعات معينة في الظلام، وهذا ما لا يعرفه كثيرون، "واعتقد ان هناك العديد من المعلومات التي يجب الاطلاع على مخاطر ممارستها يوميا".
وأشار الى ان 80 % من السكان يشربون مياه مجارير مضاف اليها كلور، والأنهار باتت مجاري للصرف الصحي، "وستشهدون قريبا حالات سرطان لم يشهدها لبنان سابقا". ولفت الى ان أزمة التغير المناخي التي نشهدها مع تراجع المتساقطات بنسبة 50 %، زادت الأمر سوء، "شو بدن يشربوا العالم, مجارير عالحل".
وأضاف أن المزروعات مرويّة بمياه المجارير، ومضاف اليها المواد الكيميائية اللاصقة المضرة التي لا رقابة عليها، "غذائنا معرّض لأثقل أنواع التلوث، والحيوانات ترعى من أعشاب مسممة وترتوي من مياه مسممة، ولم نعد نعرف في هذا الوطن من أين يأتينا التسمم، لأن التلوث ضربنا!".
المسؤولية الأولى والأخيرة بيد الدولة، لأنها حتى عندما ترتأي ايجاد حلول، تستعين بمن ليس لهم خبرة أو خلفية، قال كامل. الحل هو "خطة طوارئ بيئية" يباشر العمل بها اليوم قبل الغد, مشددا على ان هذه الخطة قادرة بظرف سنة واحدة الحد من نسبة التلوث حتى 30 %, بحسب البنود والخطوط العريضة المشمولة ضمنها, وأكد أنه مستعد لتقديم الخطة للدولة والتعاون معها للوصول الى النتيجة المطلوبة، لكنه لا يؤمن بتسليم هذه الخطة للدولة حتى تضعها في أياد غير مطلعة وغير كفؤة.