كتب عماد الدين أديب…
لا يربط منهج الفكر الجعفري الاثني عشريّ بين الهزيمة العسكرية الميدانية وبين الهزيمة السياسية لتجربة من يؤمن بفكر ولاية الفقيه.
الهزيمة كما جاءت على لسان آية الله الخميني، وكان يردّدها دائماً في مسجد صور الإمام موسى الصدر، ونقلها عنه أقطاب “الحزب” عباس الموسوي، حسن نصرالله، وأخيراً محمد عفيف رحمهم الله جميعاً، هي الاستسلام للأهداف التي يسعى إليها العدوّ حينما قام بأعماله العسكرية.
إذا طبّقنا هذا المفهوم الخاصّ بتعريف النصر والهزيمة لدى “الحزب”، فإنّنا سنكتشف النتائج التالية:
أوّلاً: أرادت إسرائيل بالدرجة الأولى فصل ساحة العمل العسكري في الجنوب اللبناني عن ساحة العمل العسكري في غزة. وقد حدث ذلك بنصّ الاتفاق.
ثانياً: أرادت إسرائيل تصفية القيادة التاريخية لـ”الحزب” على مدار أكثر من 35 سنة، وقد تمّ ذلك بتصفية الأمين العامّ التاريخي حسن نصرالله والقائد المركزي هاشم صفيّ الدين وكلّ مجلس الجهاد الأعلى وقادة الأسلحة الكبار الميدانيين. وقد حدث ذلك بالفعل.
ثالثاً: أرادت إسرائيل أن تحدث اختراقاً استخبارياً في النظام الأمنيّ الحديدي لقيادة “الحزب”، ونجحت بالفعل في هذا الاختراق تكنولوجيّاً، وعبر شبكه عملاء، وعبر تحالف استخباري عالمي، (مما) وهو ما مكّنها من كشف أماكن القادة والأسلحة والصواريخ والوثائق والأموال. وقد تمّ ذلك بالفعل.
إبعاد قوّات النّخبة
رابعاً: أرادت إسرائيل إبعاد قوات النخبة (الرضوان) من التمركز الاستراتيجي بالقوّات والصواريخ من خطّ القرى الحدودية الممتدّة على خطّ الجبهة، وهو ما كان يضع المستوطنات الشمالية تحت خطر النيران القصيرة والمتوسّطة لقوّات “الحزب”. وقد تمّ ذلك من خلال القصف الجوّي والصاروخي وبعض العمليّات الخاصة.
خامساً: أرادت إسرائيل أن يقوم الجيش اللبناني وقوّات اليونيفيل بتسلّم مواقع قوّات “الحزب” بعد إخلائها. وقد وافق “الحزب” عبر ممثّله في المفاوضات رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وجاء التأكيد بعد ذلك على لسان الشيخ نعيم قاسم أمس الأوّل. وخلال الستّين يوماً سوف يبدأ ذلك.
سادساً: أرادت إسرائيل أن يتمّ تطبيق مفهوم القرار 1701 على أن تكون حصرية السلاح القتالي على الأراضي اللبنانية لدى قوّات الأمن فقط، وتمّ تحديدها بالتفصيل، وقوات الجيش الوطني اللبناني. وقد تمّ النصّ في الاتفاق الأخير على ذلك.
سابعاً: أرادت إسرائيل منع تدفّق السلاح الإيراني على “الحزب”، سواء عبر مطار رفيق الحريري، أو بحراً عبر السواحل، أو برّاً عبر الأنفاق السرّية التي تربط البقاع بالحدود السورية. وقد تمّ بالفعل منع ذلك بالقصف أو التدمير أو الرقابة الشديدة 24 ساعة على 24.
التّخلّص من الدّولة الرّهينة
ثامناً: أرادت إسرائيل والولايات المتحدة أن يتخلّص لبنان من نموذج الدولة الرهينة لإرادة إيران، عبر انتخاب الرئيس واختيار حكومة فعّالة وعودة عمل البرلمان لدوره التشريعي وإمساك سلطات الدولة بالمفاصل الأمنيّة وليس الحزب. وقد تمّ ذلك، وأقرّ الشيخ نعيم قاسم بذلك وتعهّد العمل بكلّ إيجابية في جلسة 9 كانون الثاني التشريعية التي دعا إليها الرئيس برّي. لانتخاب رئيس للجمهورية.
أخيراً أرادت إسرائيل أن تُحرج “الحزب” أمام جمهوره بعمليات النزوح العظيم خارج الضاحية وقرى الجنوب، ثمّ تضع شروطاً أمنيّة عليهم بعد العودة إلى المناطق المدمّرة قبل نهاية مدّة الستين يوماً. وقد حدث ذلك.
الأخطر أنّ إسرائيل لديها تفاهم مع واشنطن وباريس، يعلم به كلّ من شارك في المفاوضات، على أنّ لديها حقّ التدخّل العسكري جوّاً وبحراً وبرّاً إذا ما اكتشفت أيّ مخالفة لنصوص أو تطبيقات الاتّفاق الأخير. وهذا مخالف تماماً لأيّ نصّ أو قانون سيادي على مرّ تاريخ القوانين الحديثة.
بعد ذلك نسأل: هل نفّذ العدوّ الإسرائيلي ما أراد من أهداف نهائية لعملياته العسكرية وفق مفهوم “الحزب” للنصر والهزيمة؟ هل فرض إرادته؟ هل وافق عليها “الحزب” أم رفضها؟
للإجابة الرجاء قراءة نصّ الاتّفاق الأخير!!