كتب عاصم عبد الرحمن في لبنان الكبير…
من المتعارف عليه في قوانين الحرب أن أولى خطوات الهجوم العسكري هي تدمير القدرات الاتصالية لدى العدو بهدف ضرب بنيته القيادية وتقطيع أوصاله تمهيداً للسيطرة عليه. وها هي إسرائيل اليوم تستهدف قطاع الاتصالات العائد لـ “حزب الله” بحيث اخترقت أجهزته اللاسلكية ما أوقع العشرات بين قتيل وجريح في صفوف حَمَلَة الـpager . فهل يطلق الهجوم السيبراني الاسرائيلي صفارة الحرب على “حزب الله”؟
عبر جهاز اتصال إلكتروني لاسلكي صغير ومحمول يعمل ببطارية الليثيوم التي تستمر نحو 30 ساعة متواصلة، شنَّ العدو الاسرائيلي هجوماً سيبرانياً استهدف ما يسمى the pager الذي يستخدم عادة داخل المؤسسات أو ضمن مجموعات وفرق العمل، يعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية. استهداف أتى بعد ساعات قليلة من تهديد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير الدفاع يوآف غالانت بإقالته من الحكومة، ما أدخل اللبنانيين في دوامة من التساؤلات حول مآلات العملية وآفاق تطورها خصوصاً وأن تل أبيب لا تنفك تهدد باجتياح لبنان بهدف إعادة أبنائها إلى قرى شمال فلسطين المحتلة في مقابل تخمينات عسكرية واستراتيجية وسياسية لقدرات “حزب الله” الذي يصر على الاستمرار في جبهة الإسناد الجنوبية.
في هذا السياق، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي الجنرال نزار عبد القادر لـ “لبنان الكبير”: “ما حدث اليوم يظهر أنَّ حزب الله عاجز عن حماية مقاتليه من الهجمات السيبرانية الاسرائيلية وهذا شيء طبيعي بسبب تفوق إسرائيل في المجال التكنولوجي، ما سيرتب نتائج ضارة جداً على قدرات حزب الله على الاتصال بقواته وإدارة المعركة الجارية في الجنوب. إن أجهزة الاتصالات التي استبدلها الحزب مكّنت العدو من استهداف قيادييه ومقاتليه فمن خلال الاشتباكات التي وقعت بين الطرفين استطاعت إسرائيل كشف الترددات والتقاطها وتالياً توجيه ضربات موجعة إلى الحزب عبرها”.
ويضيف عبد القادر: “هذه العملية انقضت اليوم بالخسائر التي وقعت ولا تزال إسرائيل تهدد بشن حرب على لبنان تحت شعار إعادة اللاجئين إلى منازلهم، إلا أن لنتنياهو أهدافاً أخرى تتمثل في إطالة أمد حكومته وتحقيق خلاصه السياسي. على إسرائيل أن تدرك أن إعادة اللاجئين لا يمكن أن تتم من خلال المواجهات العسكرية التي من الممكن أن تجعل المهمة شبه مستحيلة، بل بالوسائل الديبلوماسية، وهنا يمكن العودة إلى كلام السيد حسن نصر الله الذي قال فيه إننا سنوقف عملياتنا العسكرية لحظة توقف العدوان على غزة، خصوصاً وأن جهوداً ديبلوماسية يبذلها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي يسعى إلى تطبيق كامل بنود القرار 1701″.
من المسيرات إلى الاتصالات تستمر المواجهات العسكرية بين إسرائيل و”حزب الله” الذي يؤكد جهوزيته التامة لأي عدوان محتمل تهدد به الحكومة الاسرائيلية، وإذا كانت المسيرات قد آتت ثمارها فإن قطاع الاتصال قد تلقى ضربة موجعة ستعوق بقوة قدرة الحزب على التواصل قيادياً وتنظيمياً ما يشير بوضوح إلى استمرار المواجهات التكتيكية من دون الذهاب إلى الحرب الشاملة.