كتبت ميريام بلعة في المركزية
لم يختلف تكوين مشروع موازنة العام 2025 عن موازنة العام 2024 لاعتماده بشكل أساسي على الإيرادات الضريبيّة أولاً وبنسبة كبيرة على الضريبة على القيمة المضافة، كما أن توزيع النفقات جاء نفسه تقريباً أي 90% على النفقات الجارية، و10% على النفقات الاستثمارية.
إذ تقدَّر الإيرادات الضريبية في مشروع الموازنة الجديد بـ326 ألفاً و416 مليار ليرة، والإيرادات من المصادر غير الضريبية بـ83 ألفاً و713 ملياراً، أي أن الإيرادات الضريبية تشكل 82% و الإيرادات الغير الضريبية 18% من مجموع الإيرادات،.
كما أن الرسوم الملحوظة في مشروع موازنة العام 2025 هي تعديل لرسوم موجودة أصلاً إنما تم تعديلها كي تعكس سعر الصرف الجديد أي 89،500 ليرة بدل سعر الصرف القديم.
إنها خلاصة قراءة رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل لأرقام مشروع الموازنة العامة لسنة 2025، ليُشير في حديث لـ”المركزية” إلى أن “مشروع موازنة 2025 الذي أحالته وزارة المال على مجلس الوزراء يتضمّن نفقات بقيمة 427 ألفاً و700 مليار ليرة (ما يوازي 4 مليارات و800 مليون دولار)، وإيرادات تصل إلى 410 آلاف و129 مليار ليرة (ما يوازي 4 مليارات و600 مليون دولار) ما يؤدي إلى عجز في الموازنة بقيمة 17 ألفاً و566 مليار ليرة (ما يوازي 200 مليون دولار) بما يشكّل 4،11% من النفقات مقارنةً بعجز في مشروع موازنة العام 2024 قدّرته وزارة المال ب14% من مجموع النفقات.
ويقول: لم تُدرِج وزارة المال في مشروع موازنة 2025 المؤشرات الماكرو – اقتصادية التي استندت إليها هذه الأرقام، أي على سبيل المثال لا الحصر نسبة النمو الحقيقي للاقتصاد، ونسبة التضخم، وحجم الناتج المحلي في الـ2025.
لجهة النفقات، يرى غبريل أن “تكوين مشروع الموازنة هو نفسه تقريباً في موازنة العام 2024. إذ بلغت النفقات الجارية 385 ألفاً و800 مليار ليرة، والنفقات الاستثمارية 41 ألفاً و900 مليار ليرة، أي 90،2% للنفقات الجارية، و9،8% للنفقات الاستثمارية من مجموع النفقات العامة”.
ويُشير إلى أن “توزيع النفقات الجارية يُظهر الآتي:
– النفقات على الرواتب والأجور والمساعدات الاجتماعية والمخصصات بلغت 211 ألفاً و415 ملياراً، لتشكّل 55% من النفقات الجارية.
– النفقات على الخدمات والسلع التي تشكّل 14% من النفقات الجارية.
– التحويلات 11،2% من النفقات الجارية.
أما النفقات “الطارئة” فبلغت 19 ألفاً و500 مليار ليرة بما يوازي 5% من النفقات الجارية. وخدمة الدين 8،2% من النفقات الجارية”.
وبالنسبة إلى الإيرادات، لا يرى غبريل “تغييراً في تكوينها عن الموازنة السابقة اذ ان الإيرادات الضريبية تشكل 82% والإيرادات غير الضريبية 18% من مجموع الإيرادات”.
ويكشف في السياق، أن “المصدر الرئيسي للإيرادات هو الضريبة على القيمة المضافة التي تشكّل 73% من الرسوم الداخلية على السلع و الخدمات و42،6% من مجموع الإيرادات الضريبية، تليها الرسوم الجمركية التي تصل إلى 50 ألفاً و680 مليار ليرة بما يساوي 15،5% من الإيرادات الضريبية، والضريبة على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال التي تصل إلى 43109 مليار ليرة بما يساوي 13،2% من مجموع الإيرادات الضريبية، والضريبة على الأملاك التي تُقّدر بـ29525 مليار ليرة أي 9% من الإيرادات الضريبية”.
توزيع المصادر..
أما توزيع مصادر الضريبة على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال فتظهر ان ضريبة الدخل تشكل 67% من هذا المصدر و13،2% من من مجموع الإيرادات الضريبية، تليها ضريبة الدخل على الرواتب والأجور التي تشكل 20% من هذا المصدر و2،6% من اجمالي الايرادات الضريبية، والضريبة على الأموال المنقولة أي 9% الضريبة على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال و1،2% من الايرادات الضريبية ، والضريبية على الفوائد المصرفية أي 3،3% من هذا المصدر و 0،5% الايرادات الضريبية.
في حين يُظهِر توزيع مصادر الإيرادات من الضريبة على الأملاك، أن الضريبة على التسجيل العقاري تشكّل 68،3% من هذا المصدر و6،2% من مجموع الإيرادات الضريبية، تليها رسم الانتقال الذي يشكّل 22،3% من هذا المصدر و2% من الإيرادات الضريبية والضريبة على الأملاك المبنيّة التي تشكّل 9،3% من الضريبة على و0،8% من مجموع الإيرادات الضريبية”.
أما مصادر الإيرادات غير الضريبية، بحسب غبريل، فإن حاصلات إدارات ومؤسسات عامة وأملاك الدولة تشكّل 65،5% من هذا المصدر، تليها الرسوم والعائدات الإدارية والمبيعات بـ30،5%. كذلك تظهر الأرقام أن الإيرادات من الاتصالات السلكية واللاسلكية تشكّل 67،5% من حاصلات إدارات ومؤسسات عامة وأملاك الدولة و44% من الإيرادات غير الضريبية، تليها ايرادات مطار رفيق الحريري الدولي %11،3 من هذه الحاصلات، و 7،4% من الإيرادات غير الضريبية، ومرفأ بيروت الذي يشكّل %9،9 من هذه الحاصلات و%6،5 من الإيرادات غير الضريبية، وكازينو لبنان 6% من من حاصلات إدارات ومؤسسات عامة وأملاك الدولة و%4 من الإيرادات غير الضريبية، كما تتضمّن الإيرادات غير الضريبية إيرادات ناتجة عن تسوية الأملاك البحرية والبالغة 3،2% من هذه الإيرادات.
ويعتبر أن “توزيع الإيرادات والنفقات لا يختلف كثيراً عن موازنة العام 2024، إنما لا يمكن مقارنتهما ببعضهما ، اذ انه يُفترَض مقارنة أرقام مشروع موازنة العام 2025 مع الأرقام الفعلية المحققة للمالية العامة في العام 2024 أو على الأقل في الأشهر الستة الأولى منه، وهي غير متاحة. ونعلم أن وزارة المال لم تنشر أرقام المالية العامة منذ العام 2021”.
ويلفت إلى أن “مشروع موازنة 2025 تضمّن تعديلاً في عدد من الرسوم، مثل رسم الانتقال و رسم تسجيل العلامات التجارية على سبيل المثال، لكنه لم يلحظ زيادات ضريبية كما في موازنة الـ2024 أو ضرائب جديدة كالتي ألغتها لجنة المال والموازنة النيابية من موازنة العام الجاري”.
ويُشير إلى أن “الإطار العام يعطي عجزاً بنسبة 4،11% من مجموع النفقات وهي نسبة أقل من تلك الواردة في مشروع موازنة 2024 حيث سجلت 14% من النفقات، لأن صندوق النقد الدولي أعلن بوضوح خلال زيارته لبنان في أيار 2024 أنه “يجب على السلطات اللبنانية ألا تتوقع مساعدات مالية من الخارج لتمويل عجز الموازنة”، علماً أن مصرف لبنان أوقف بدوره تمويل عجز الموازنة. وبالتالي أعلن صندوق النقد أن على السلطات عند وضع موازنة العام 2025 أن تلتزم بعجز صفر في المئة”.
من هنا، يتابع غبريل “تُظهر الحكومة التزامها بتوصية صندوق النقد عند إعدادها مشروع موازنة 2025 التي (أي الحكومة) يجب أن تتحلى بالانضباط والواقعية في أرقامها، لكن النتيجة تكمن في التطبيق على أرض الواقع الذي وهوعرضة لتطورات عديدة.
الإصلاحات لا تُدرَج في الموازنة
وليس بعيداً، يوضح غبريل “أن الكلام عن أنها ليست موازنة إصلاحية، فليس في مكانه. لأن الإصلاحات تكون ضمن خطة متكاملة وأكثر شمولية كإعادة هيكلة القطاع العام والقطاع المصرفي …إلخ”.
ويتابع: إذاً مشروع موازنة 2025 لا يمكن أن يكون مشروعاً إصلاحياً بمفرده لكون الموازنة جزءاً من المشروع الإصلاحي الواسع عموماً وليس العكس. لكن ذلك لا يمنع أنه كان يجب أن تتضمّن بعض الإصلاحات كإلغاء آلاف الوظائف الوهميّة، دمج أو إغلاق أكثر من 90 مؤسسة عامة وهيئة مستقلة وصندوق انتفى سبب وجودهم، ووضع خريطة طريق لإطلاق المفاوضات مع حاملي سندات الـ”يوروبوندز” على سبيل المثال لا الحصر.
ولم يغفل الإشارة إلى أن “موازنة العام 2024 أُعِدّت قبل فترة وجيزة من حرب غزة و بدء الاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان، وحتى اليوم لم نعلم حجم الإيرادات مقارنة بالأرقام الواردة في الموازنة التي اقرها مجلس النواب. لذلك كان من المفضّل أن يأخذ مشروع موازنة العام 2025 في الاعتبارعدة سيناريوهات مثل احتمال شنّ إسرائيل حرب موسّعة أو استمرار المواجهات الحالية الى السنة المقبلة”.
ويختم غبريل: إن مشروع موازنة 2025 قُدِّم ضمن المهلة الدستورية وسيدرسه مجلس الوزراء وربما يُدخل تعديلات ويوافق عليه ويحيله إلى مجلس النواب لدرسه في لجنة المال والموازنة النيابية، ثم يتم التصويت عليه من الهيئة العامة للمجلس، ومن المرجَّح أن يحصل التصويت ضمن المهلة الدستورية.