كتب جورج بكاسيني
من أمثالنا الشعبية أن “بيت السبع لا يخلو من العظام ” ، فإذ به لا يخلو من الأسرار التي إذا تراصفت بين دفّتي كتاب رسمت مشهداً لحقبة من أبطال وأدوار وخشبة .
” من فم السبع” أُتيح للبنانيين أن ينتزعوا وقائع أزيلت عنها الستارة للمرة الأولى ، فصارت ملكاً لجيل وأكثر غابت عنه حقائق وعوائق حاصرت رفيق الحريري بين فكّي كمّاشة وأكثر ، منذ أن قرّر أن يصبح “هوسمان بيروت” ، وصولاً الى سقوطه في حفرة دشّنت حقبة “جهنّم” المفتوحة حتى اليوم .
باسم السبع الذي صَمَت دهراً مذ أن هَجَر عامود “السفير” مطلع التسعينيات ، نَطَق بحراً من الخفايا برع فيها في تصوير رسم تشبيهي لكل مفاصل جهنم “اللبنانية” بطبعاتها المتعاقبة وبتضاريسها وتعرّجاتها . أما إذا فاتَه تفصيل من هنا أو معطى من هناك ، استعان بوثائق ومحاضر وحوارات مع رؤساء دول ما زالت محفورة في الذاكرة .
“لبنان في ظلال جهنم ” ( شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ) أكثر من كتاب . هو “مختصر مفيد” لتجربة اختصرها القدر ، من بداياتها حتى النهايات ، مروراً بالنجاحات والإخفاقات . هو خليطٌ من وقائع عاشها باسم السبع مع رفيق الحريري وأحاسيس مسيِّلة للحبر .. والدموع .
خمسماية صفحة أوجزت ربع قرن من عمر لبنان الحديث ، من مشقّة الإعمار الى خطايا التهديد والتمديد ، وما بينهما من عقد التاريخ ولعنات الجغرافيا .
جمَع باسم السبع دموعه وهزائمه وخيباته في كتاب .. تماماً كما اجتمعت دموع اللبنانيين وهزائمهم وخيباتهم في جمهورية انزلقت الى قعر جهنم ، وربما الى ما بعد بعد جهنم .