لفت البروفيسور غاري وينك، أستاذ علم النفس والأعصاب وعلم الفيروسات الجزيئي وعلم والوراثة الطبية في “جامعة أوهايو ستيت”، في تقريره أعده والذي نشره موقع Psychology Today، أنه يجب أن ينظر الشخص إلى تأثيرات نظامه الغذائي اليومي من حيث تأثيراته القصيرة والطويلة المدى على الدماغ.
ويمكن للأطعمة التي تحتوي على منشطات دوائية، مثل القهوة أو الشاي أو الشوكولاتة الداكنة، أن تعزز سرعة المعالجة العقلية وتحسن الأداء في العديد من المهام المعرفية. لكن فوائدها مؤقتة، حيث إن الأطعمة الأخرى، مثل الفيتامينات والدهون المتوازنة والبروتينات والكربوهيدرات لها تأثيرات أطول أمدًا على وظائف المخ وربما يستغرق الأمر شهورًا أو سنوات حتى يتم التعبير عنها بالكامل.
وتناول البالغون في منتصف العمر في إحدى الدراسات الكبيرة نظامًا غذائيًا متوسطيًا نموذجيًا لمدة ستة أشهر. لم تجد الدراسة أي دليل على وجود ارتباط بين تناول النظام الغذائي المتوسطي، وأي دليل على تحسن الوظيفة الإدراكية، مثل الذاكرة العاملة أو الذاكرة البصرية أو حل المشكلات.
ولم يتم الإبلاغ عن أي تغييرات في وظائف المخ لدى الأشخاص، كما تم تحديدها بواسطة التصوير العصبي القياسي. كما لم تُظهر دراسة حول التنشيط العصبي في مناطق الدماغ المرتبطة بالمهمة أي تأثيرات بسبب النظام الغذائي.
وفي دراسة أخرى، التزم 1250 بالغًا سليمًا في منتصف العمر بالنظام الغذائي المتوسطي لمدة 18 شهرًا. تم قياس الإدراك باستخدام اختبار Trail Making Test واختبار الطلاقة اللفظية واختبار الذاكرة المنطقية. وقد رصدت الدراسة ملف الأيض لدى المشاركين (250 مقياسًا مختلفًا) للتأكد من التزامهم بالنظام الغذائي (وهو دائمًا نقطة ضعف عند دراسة تأثيرات النظام الغذائي طويل الأمد). وبعد تعديل عوامل الخطر المعروفة، لم يُحسن النظام الغذائي المتوسطي الأداء الإدراكي.
وبحثت إحدى الدراسات في تأثير إضافة أنواع مختلفة من منتجات الألبان. ونظرت الدراسة في التأثيرات الإدراكية لاستهلاك مئة غرام يوميًا من الأطعمة المخمرة أو غير المخمرة أو كاملة الدسم أو قليلة الدسم أو السكرية على 1300 شخص بالغ سليم في منتصف العمر لمدة ست سنوات.
وقاست الدراسة التدهور الإدراكي الذاتي والذاكرة والطلاقة اللفظية والوظائف التنفيذية والحركية. وتمت مقارنة هذا النظام الغذائي باستهلاك مئة غرام يوميًا من اللحوم والأسماك والبيض والفواكه والخضروات، ولكن بدون منتجات الألبان. وبشكل عام، لم تذكر الدراسة أي تأثير لإضافة منتجات الألبان إلى النظام الغذائي أو استبدال اللحوم أو الخضروات أو الفاكهة بالألبان على الوظيفة الإدراكية.
وبصرف النظر عن النظام الغذائي، فإن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يرتبط باستمرار بضعف الأداء في مهام الذاكرة العاملة. قد لا يؤثر تناول نظام غذائي رديء كل يوم على التفكير بشكل فوري، ولكن يمكن لتناول نظام غذائي رديء لسنوات عديدة يؤدي إلى السمنة يمكن أن يؤثر على القدرات الإدراكية اليومية.
وتشير الدراسات الوبائية والسريرية الحديثة إلى أن السمنة هي عامل خطر للتدهور المعرفي وضعف الذاكرة لدى البالغين. إن زيادة السمنة لها تأثير سلبي مباشر واضح على صحة الدماغ من خلال الآليات التي يحفزها الالتهاب المركزي ومقاومة الأنسولين، مع ملاحظة الانخفاضات الأكثر وضوحًا في المجالات المعرفية التي تعتمد على الفص الجبهي والحُصين.
وقد وثقت العديد من المختبرات في جميع أنحاء العالم الآليات التي تكمن وراء كيف أن الدهون الزائدة في الجسم تضعف وظيفة الدماغ.
بشكل عام، فإن النظام الغذائي الصحي له تأثيرات ضئيلة على مقاييس الذكاء اليومية لدى البالغين الأصحاء من الشباب ومتوسطي العمر. ولكن يمكن أن يؤدي اتباع نظام غذائي رديء طوال العمر إلى السمنة، وبالتالي من شأنه أن يضعف بشكل كبير الوظيفة الإدراكية الإجمالية ويسرع من شيخوخة الدماغ.
إن العواقب المفيدة أو الضارة للاختيارات الغذائية اليومية تتطور ببطء على مر السنين والعقود. لذا، ينصح الخبراء بضرورة تغيير النظام الغذائي إذا كان غير صحي لكي يصبح الشخص أكثر صحة على المديين القريب والبعيد. (العربية)