يتناول الكثيرون القهوة صباحا كطقس روتيني يومي يمكن أن يساعد في الحصول على طاقة فورية تقريبا وزيادة اليقظة.لكن الفوائد الصحية وفيرة أيضا حيث أظهرت الأبحاث أنها يمكن أن تعزز صحة الدماغ والقلب والأمعاء.
فقد كشفت دراسة جديدة أن القهوة يمكن أن تساعد أيضا في الحفاظ على كتلة العضلات، بحسب ما نشرته “تليغراف” البريطانية.
لكن الباحثين الذين نظروا إلى البيانات المتعلقة بتناول القهوة وكتلة العضلات بين أكثر من 8000 بالغ في الولايات المتحدة، اكتشفوا أن أولئك الذين تناولوا كوبين على الأقل من القهوة يوميا (أو 240 مل) كان لديهم حوالي عُشر عضلات أكثر مقارنة بمن لم يشربوا أيًا منها.
يقول بروفيسور كيث غودفري، رئيس قسم التغذية ونمط الحياة والتمثيل الغذائي في مركز أبحاث ساوثهامبتون للأبحاث الطبية الحيوية التابع للمعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية NIHR إن “هذا التأثير سيحدث فرقًا كبيرًا في ضعف العضلات وقوتها، وسيحدث فرقًا كبيرًا في الصحة الأيضية، وبالتالي [يقلل احتمالات] الإصابة بمرض السكري من النوع 2”.
في حين أن هذه الدراسة لا تثبت أن القهوة هي السبب المباشر وراء هذه الكتلة العضلية الأعلى، وستكون هناك حاجة إلى دراسات أكبر بكثير لتأكيد الارتباط، يعتقد الباحثون أن هناك آليات معقولة وراء اكتشافهم.
ورجح العلماء أن زيادة الكتلة العضلية ربما يرجع إلى أن القهوة تزيد من الالتهام الذاتي، وهي العملية التي تتحلل فيها خلايا الجسم وتعيد تدوير الأجزاء القديمة، وهو أمر حيوي للحفاظ على العضلات.
وأشار فريق الباحثين إلى أن خصائص القهوة المضادة للالتهابات ربما تكون أيضًا عاملاً، حيث من المعروف أن الالتهاب يتسبب في تدهور العضلات.
يقول بروفيسور غودفري إن الفضل أيضًا ربما يرجع إلى مركب في القهوة يسمى تريغونيلين. تشير أبحاثه إلى أن مستويات الميتوكوندريا، وهي محطة الطاقة في الخلايا، أقل لدى الأشخاص الذين يعانون من انخفاض كتلة العضلات ولكن تريغونيلين يساعد على إصلاح الضرر.
لا تتوقف فوائد تناول القهوة عند العضلات، إذ تشير الأبحاث إلى أن القهوة يمكن أن تحمي أيضًا من مرض السكري من النوع 2.
يقول جاستن ستيبينغ، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة أنجليا روسكين: “يبدو أن القهوة مفيدة حقًا لكل أجهزة الجسم”، بشرط ألا يختار المرء العبوات الكبيرة للغاية والمليئة بالسكر.
إن بدء اليوم بجرعة من الكافيين يعزز التركيز واليقظة على المدى القصير، ولكنه مرتبط أيضًا بتحسن الصحة الإدراكية مع التقدم في السن، بما يشمل تحسين الذاكرة والانتباه – على الرغم من أن جميع الدراسات لم تجد هذا التأثير.
تشير الأبحاث إلى أن القهوة قد تحمي من تراكم البروتينات في الدماغ تسمى أميلويد وتاو، وهي سامة وتشارك في الخرف.
وجد العلماء أن هذا يرجع إلى مركبات تسمى فينيل إندان، والتي يتم إنتاجها عند تحميص حبوب البن والتي ثبت أنها تمنع تكوين البروتينات.
في الأمد القريب، يمكن أن يؤدي شرب الكثير من القهوة إلى زيادة معدل ضربات القلب.
لكن شرب بضعة أكواب في اليوم قد يوفر الحماية للقلب على المدى الطويل.
توصلت إحدى الدراسات إلى أنه بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يشربون القهوة، مقابل كل كوب من القهوة يتم شربه أسبوعيًا، كان هناك انخفاض بنسبة 7% في خطر الإصابة بقصور القلب وانخفاض بنسبة 8% في خطر السكتة الدماغية.
يعزو الخبراء هذا التأثير إلى أكثر من 100 مركب نشط بيولوجيًا، وهي العناصر التي يكون لها تأثير فسيولوجي على الجسم.
على سبيل المثال، يُعتقد أن البوليفينول، وهي مجموعة من هذه المركبات الموجودة في القهوة والأطعمة النباتية الأخرى، تقلل الالتهاب وتحمي القلب من التلف.
في حين أن الأدلة ليست قاطعة بشأن نوع القهوة الأفضل لصحة الإنسان، فإن القهوة غير المفلترة تحتوي على مركبات زيتية تسمى ديتيربين، والتي يمكن أن تؤدي إلى رفع مستويات الكوليسترول.
تشير الأبحاث إلى أن وجود مجموعة متنوعة من الميكروبات التي تعيش في الأمعاء هو حجر الأساس لصحة الأمعاء الجيدة، ويميل شاربو القهوة إلى أن يكون لديهم تنوع أكبر من غير شاربي القهوة.
يعتقد الخبراء أن هذا ربما يكون، جزئيًا، لأن القهوة غنية بالألياف، حيث تحتوي على حوالي 1.5 غرام لكل كوب، والتي تغذي بكتيريا الأمعاء.
وفي نفس السياق، يُنصح البالغون بتناول 30 غرامًا يوميًا ولكن معظمهم يصلون فقط إلى 18 غرامًا. كما يُعتقد أن البوليفينول في القهوة تدعم صحة الأمعاء.
بالإضافة إلى جعل الشخص يشعر بمزيد من اليقظة والانتباه والنشاط على الفور، يبدو أن القهوة لها تأثيرات طويلة الأمد على الصحة العقلية.
توصلت إحدى المراجعات العلمية إلى أن خطر الاكتئاب كان أقل بمقدار الربع بين أولئك الذين يشربون أربعة أكواب ونصف في اليوم، مقارنة بمن يشربون أقل من كوب واحد.
ورجح الباحثون أن السبب ربما يرجع إلى زيادة الكافيين في التعبير عن النواقل العصبية في الدماغ، مثل “هرمون السعادة” الدوبامين.
ولكن يختلف تحمل الكافيين من شخص لآخر، علاوة على أنه ربما يؤدي تناول القهوة إلى القلق والأرق.
إن الوزن الصحي وممارسة الرياضة والنظام الغذائي المغذي هي أكثر الطرق المستندة إلى الأدلة للحد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، ولكن شرب القهوة يمكن أن يوفر أيضًا بعض الحماية.
كشفت نتائج إحدى المراجعات العلمية عن أن الأشخاص الذين يشربون كوبًا واحدًا يوميًا كانوا أقل عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 بنسبة 8%، مقارنة بغير شاربي القهوة.
ويرى العلماء أن الأحماض الموجودة في القهوة يمكن أن تعمل على تحسين مستويات السكر في الدم، في حين أن محتواها العالي من المغنيسيوم قد يوفر المزيد من الحماية.
يشار إلى أنه مع التقدم في السن، تتدهور العضلات تدريجيًا بنحو 5% بعد عقد من سن الثلاثين، مما يجعل الشخص أكثر ضعفًا وهزالًا ويجعله أكثر عرضة للسقوط والكسور. (العربية)