"حزب الله حارب إرهابيي داعش في لبنان وخارجه، وعندما تنتهي الحرب ضد الإرهاب، سيعود مقاتلوه الى البلاد. ومن الواجب علينا أن ندرك أن حزب الله يشكل قوة مقاومة لبنانية نشأت بوجه الاعتداءات الاسرائيلية وهي مقاومة شعبية"... قالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من إيطاليا قبل أيام في حديث لصحيفة "لا ستامبا " الإيطالية.
ولاقاه رئيس الحكومة العائد عن الاستقالة سعد الحريري، في مقابلة مع مجلة "باري ماتش" يوم الأول من أمس، قائلاً "علينا أن نميز. في لبنان، لحزب الله دور سياسي. لديه أسلحة ولكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانية".
لا يختلف اثنان في تفسير التصريحَين، فيبدو أن نهاية الأزمة الحكومية اللبنانية تعني بداية نهاية الدور السعودي في لبنان، وتعزيز الدور الإيراني في المقابل، الأمر الذي تُرجم تغريدات مجبولة بالإحباط والخيبة على لسان من تبقى من أفول 14 آذار في لبنان. فهل انتصر حزب الله؟
يرى الكاتب والمحلل السياسي غسان جواد في تصريح الرئيس عون "استمرار لنفس الرؤية السياسية التي يعبر عنها عون وينطلق منها في مقاربة موضوع سلاح المقاومة، واستكمال للخطاب السياسي لرئيس الجمهورية الذي يعتبر ان سلاح المقاومة جزء من مناعة وقوة الدولة اللبنانية. وبقوله إن هذا السلاح يقاتل الإرهاب في الخارج وعندما تنتهي المعركة على الإرهاب يعود، إشارة ضمنية إلى أنه يعتبر مشاركة الحزب في الحرب على الإرهاب شرعية وتمثل مصالح لبنان".
اما بالنسبة للحريري، فهو بهذا الكلام "يؤكد على أنه لا زال في ربط نزاع مع حزب الله وأن الاستقرار اللبناني يتطلب تفهم من قبل رئيس الحكومة وفريقه السياسي وتفهم أكبر لموضوع سلاح المقاومة. في المقابل، تتفهم المقاومة حاجات الفريق الآخر بالنأي بالنفس والانسحاب من الملفات التي توتر العلاقات مع العالم العربي، وطبعا الحريري لن يغير رأيه بالسلاح ولكنه يؤشر هنا إلى أنه مستمرّ بالتسوية، التي بمقتضاها وعلى الأرجح أن موضوع السلاح غير مطروح حاليا".
وفي ظل هذه التفاهمات المتبادلة واستمرار التسوية وتعويم سلاح حزب الله والنأي به عن التداول في المرحلة المقبلة، هل بدأ يتقلص الدور السعودي في لبنان؟
يؤكد جواد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" على أنه "لن يكون بوجود الرئيس عون والدولة بشكلها الحالي، ونسبةً لنتائج الحرب في المنطقة أية وصاية سعودية على البلد، والسعودية اليوم ليست بموقع فرض شروط ووضع اليد على أي ملف ذات طابع نفوذي. فالدور السعودي في لبنان بدأ يضعف إلا أن الحريري لم يصل لحالة الافتراق مع السعودية بل يحاول دوزنة المصالح السعودية مع الوقائع اللبنانية".
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة مع جواد في ما يخص تصريح الرئيس عون ويرى فيه استكمالاً لخطابه السابق، واستكمالاً لما قاله عن سلاح حزب الله بأنه مرتبط بحل أزمة المنطقة". لكنه يرى في هذا الموقف "خطورة نابعة من كونه يصدر عن رئيس الجمهورية في لبنان وبالتالي ليس عن فريق سياسي، وبهذه المواقف إنما يعبر عن استقالة من المسؤوليات الدستورية والوطنية تؤدي إلى عزل لبنان ويشكل مخالفة للقرارات الدولية ولقرارات الجامعة العربية".
أما تصريح الرئيس الحريري، فيعلّق بشارة عليه قائلاً: "لا شيء يبرّر إذا كان الرئيس الحريري يريد أن يعود للتسوية السابقة أن يعطي أي مواقف تغطّي سلاح حزب الله فهذا الموقف مستهجن ومستغرب جدا. ويوحي كأن الدولة بأكملها وقّعت وثيقة تفاهم مع حزب الله على طريقة المقايضة ما بين الاستقرار بشروط حزب الله، مقابل انصياع السلطة السياسية لما يريده الحزب".
ويؤكد بشارة لـ"ليبانون ديبايت" أنه إذا قرر الرئيسان عون والحريري أن يرميا القرار اللبناني في أحضان الوصاية الإيرانية فعملهم هذا سيؤدي إلى عزل لبنان، لأن قبولهما بتسوية بشروط حزب الله هذا يعني أن هذه التسوية ستؤدي إلى نتائج خطيرة في لبنان، لا نعرف بعدها أي دولة سيحكم الرئيسان في لبنان وماذا سيتبقى من لبنان الذي نعرف إذا عُزل عن محيطه العربي والدولي".