ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وعاد أبي كرم ولفيف من الكهنة، في حضور النائب السابق ميشال الخوري، وفد من عائلة المرحومين الشهيدين صبحي ونديمة الفخري وأهالي بتدعي وبشري ودير الاحمر ونبحا برئاسة باتريك الفخري، وفد من عائلة المرحومة جورجيت سركيس، القنصل ايلي نصار وحشد من المؤمنين. وخدمت القداس جوقة القديسة فيرونيكا.
العظة
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية التي نحيي فيها زيارة مريم العذراء لنسيبتها إليصابات، فور علم مريم من الملاك بأن إليصابات نسيبتها حبلى بإبن في شيخوختها. نحييكم جميعا وبخاصة أولاد المرحومين الشهيدين صبحي ونديمه الفخري اللذين قتلا بإطلاق النار أمام دارتهما في بتدعي، على يد عصابة من آل جعفر، فيما كان يطاردهم الجيش اللبناني خلال الخطة الأمنية في البقاع. وما زال القتلة فارين من وجه العدالة. وقد مضى على الجريمة ثلاث سنوات كاملة. وكنا ننتظر مع العائلة أن يسلمهم آل جعفر للقضاء تجاوبا مع أبناء الضحيتين الذين قطعوا عهدا بعدم اللجوء إلى الثأر أو التهديد، لان دم الوالدين لا يثمن ولا يعوض، وحماية للعيش المشترك في البقاع العزيز، وحفاظا على حسن صيت هذه المنطقة من لبنان. لكن الثقة كبيرة بالقضاء، ونرجو أن يتوصل إلى القبض على الجناة وإجراء ما تقتضيه العدالة بحقهم. “فالعدل أساس الملك”. إننا نجدد تعازينا لأبناء وابنتي الشهيدين وعائلاتهم وسائر أنسبائهم، ونعبر لهم عن قربنا منهم الروحي والإنساني والتضامني، ونذكر بصلاتنا المرحومين صبحي ونديمه، راجين لهما الراحة الأبدية في السماء. واننا نحيي الوفود المرافقة من بشري ودير الاحمر وبتدعي ونبحا وسواها، ورؤساء البلديات والمخاتير. كما نحيي عائلة المرحومة جورجيت حبيب سركيس ارملة المرحوم جرجس نمر ابو سمرا التي ودعناها منذ شهر. نذكرها معكم بالصلاة ونجدد التعازي لابنيها وابنتيها وعائلاتهم ولانسبائها جميعا”.
من يؤمن يحب الله، ومن يحب الله يخدم الإنسان. هذا هو الترابط بين الإيمان والمحبة والخدمة، الذي لا يقبل الانحلال في حياتنا. إن أمنا وسيدتنا مريم العذراء هي لنا المثال بامتياز. في مسيرتنا الروحية نحو الميلاد، نسأل الله أن يجمِل عقولنا بالإيمان، وقلوبنا بالمحبة، وإرادتنا بالخدمة”.
وقال: “هذه الثلاثة، إذا عشناها وتذوقناها في حياتنا العائلية والاجتماعية والوطنية، اختبرنا السعادة وطعم الحياة الجميلة. لا يمكن أن نفصل الإنجيل عن واقع حياتنا اليومية في العائلة والمجتمع والدولة. فالكلام عن ثلاثية الإيمان والمحبة والخدمة هو حاجة حياتنا الوطنية اليوم. لذا، ندعو الجماعة السياسية عندنا لاعتماد هذا النهج المثلث، والخروج من واقع التباعد والتنافر والاتهامات المتبادلة والتحجر في المواقف، وفرض الرؤية الشخصية، بل ندعوها للسير في خط التلاقي من أجل شد أواصر الوحدة الوطنية، من خلال إزالة كل ما يعرقلها من مصالح وحسابات ومكاسب شخصية وفئوية، مع الولاء أولا وآخرا للبنان ولمصالحه، كيانا وشعبا ومؤسسات”.
أضاف: “لقد قطعنا، بنعمة الله وبفعل الإرادات الطيبة، قطوع “التوطين في لبنان” للاشتباكات الجوالة في المنطقة، وبالتالي قطوع محاولات “جعل لبنان ساحة بديلة” للصراعات الإقليمية. فرفعت الدول الصديقة صوتها لحماية لبنان، وسيادته، ووحدته، ودوره كعنصر استقرار في المنطقة، بفضل نظامه الديموقراطي القائم على التعددية الثقافية والدينية، وعلى العيش المشترك والمشاركة المتساوية والمتوازنة بين المسيحيين والمسلمين في الحكم والإدارة، وفقا لروح الميثاق الوطني وِما يرسمه الدستور”.
وتابع: “نحن نأمل ونصلي أن تأتي نتائج المشاورات، التي أجراها فخامة رئيس الجمهورية مع مختلف الكتل والشخصيات السياسية، لترسي توجها سياسيا جديدا منتظرا، فتسير بلادنا إلى الأمام اقتصاديا وإنمائيا، وتحافظ على علاقاتها الطيبة مع كل دول المنطقة في إطار الأسرة العربية”.