لبنان أمام “التفكيك الصعب” لـ”الإشتباك العنكبوتي” حول “مرسوم الضباط”

لبنان أمام “التفكيك الصعب” لـ”الإشتباك العنكبوتي” حول “مرسوم الضباط”
لبنان أمام “التفكيك الصعب” لـ”الإشتباك العنكبوتي” حول “مرسوم الضباط”

إشترك في خدمة واتساب

كما هو حال الطرق الجَبَلية المقطوعة في الأعالي اللبنانية بسبب المنخفض الجوي الذي يَضْرب البلاد، فإن الطريق ما زالت مقْفلة بين الرئاستيْن الأولى والثانية في بفعْل “المنخفض السياسي” الذي كان دَهَمَ العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ورئيس مجلس النواب نبيه مع ما بات يُعرف بأزمة “مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش اللبناني”- “مرسوم الضباط” – الذي وقّعه عون ورئيس الحكومة ووزير الدفاع من دون وزير المال (الشيعي).

ولم تنجح حتى الساعة “كاسحات الألغام” في تفكيك هذه “القنبلة الموقوتة” بين الرئيسين والمربوطة بصواعق سياسية وطائفية، وخصوصاً بعدما نَصَبَ عون وبري متاريس متقابلة يصْعب معها إحداث كوة يعمل من أجْلها رئيس الحكومة و”” على جبهات عدة في محاولةٍ لمنْع تفاقُم الأزمة وتَمدُّدها، وسط انتقال “المنازلة” إلى مرحلة التأكيد و”على المكشوف” أنها تدور “في حلبة” نظام الطائف وتوازناته التي يَبرز مسعى من المكوّن الشيعي لتعديلها عُرفاً، حتى الساعة، بانتزاع إقرارٍ بـ”التوقيع الشيعي” الثالث في السلطة التنفيذية بما يُضْمِر تلقائياً تكريس وزارة المال لهذا المكوّن وتثبيت توقيعها “الإلزامي” ميثاقياً على كل المراسيم.

ورغم ملامح “التبريد” التي عبّرت عن نفسها بـ”تفكيك” أزمة المرسوم وفصْل مسارها عن عمل مجلس الوزراء وحتى عن مقتضيات إعادة النبض الى وسط بيروت التجاري الذي أعطى بري الضوء الأخضر لـ”فك الطوق الأمني” من حوله بعد “إنتفاضة الفرح” التي عاشها ليلة رأس للمرة الأولى منذ 2004 والتي قادها الحريري ، فإن السقف العالي الذي رسمه كلٌّ من رئيسيْ الجمهورية والبرلمان للمخارج من هذه الأزمة يجعل من الصعب اجتراح حلّ بتدوير الزوايا بين رجليْن، أوّلهما (عون) لم يخض السياسة يوماً إلا بعقلية “الجنرال” (كان قائداً للجيش ورئيساً لحكومة عسكرية انتقالية) الذي لم يتوانَ عن إعلان أكثر من حربٍ طبعتْ مسيرته بـ”المرقّط”، والثاني (بري) “عتيقٌ” في إمساكه بمطرقة رئاسة مجلس النواب (يتولاها من ربع قرن) وجاء إلى السياسة من “مَقاعد الحرب” وتكتيكاتها.

وبين حدّيْ “المرسوم بات نافذاً ولا عودة عنه والحلّ بلجوء المعترضين عليه الى القضاء” وفق ما يؤكد عون ، و”لا حلّ إلا بأن يُرسَل المرسوم إلى وزير المال ليوقّعه لا أكثر ولا أقلّ”، حسب ما يعلن بري، تدور “حرب الرئاستين” التي باتت أشبه بـ”إشتباك عنكبوتي” تتشابك فيه التعقيدات السياسية والدستورية وصولاً إلى استحضار البُعد الميثاقي المتصل باتفاق الطائف لاعتباراتٍ بعضها آني وبعضها الآخر يطلّ على حسابات مرحلة حلول ساعة تسييل “فائض القوة” الذي يرى المكوّن الشيعي أنه حقّق عبره (من خلال “حزب الله”) انتصاراتٍ من ضمن المحور الإيراني ولمصلحته لا بدّ أن تكون لها في النهاية ترجمات على صعيد وضعيّة هذا المكوّن في النظام.

وكان لافتاً أمس تكرار رئيس الجمهورية أمام زواره “ان هناك مرجعين للمؤسسات: الدستور والقوانين، وعلى الرغم من حصول بعض المشاكل الا أننا نحتكم الى المرجعين المذكورين، ولا يمكن تجاوز المؤسسات، وعند حصول أي خلاف يجب الاحتكام اليها والى القضاء الذي شهدنا تحسين ظروف عمله”…

وبدا كلام عون ضمناً برسْم ما نُقل عن بري الذي انتقل في مقاربته الأزمة إلى “التصويب” للمرة الأولى على رئيس الجمهورية وموقفه “الأصلي” من اتفاق الطائف الذي أقرّ (العام 1989) رغماً عن عون عندما كان رئيساً للحكومة العسكرية الإنتقالية (بين 1988 و 1990) والذي شكّل رفْض “الجنرال” له مقدّمة لإطاحته بالقوة العسكرية من قصر بعبدا باعتباره “متمرداً على الشرعية”.

فرئيس البرلمان أكد، في غمزٍ من قناة وجود محاولة لاستراداد الرئاسة الاولى صلاحيات ما قبل الطائف، أن بعض الأمور واضحة «هذا التمسّك بخرق الدستور يستهدف ضرب الطائف، إنهم لا يريدون توقيع وزيري المال والداخليّة. هل نسينا أنّهم حاربوا الطائف ووقفوا ضدّه في الماضي؟”، مضيفاً: “البعض نسي ربّما أن اللبنانيين دفعوا 150 ألف ضحيّة في الحرب الأهلية ثمناً للطائف كي لا يكون قرار الدولة عند شخص واحد بل عند مجلس وزراء يمثّل التوافق في البلد”.

وإذ استعاد المسار الذي سلكه موضوع منح الأقدمية قبل أن يتحوّل إلى مرسوم، ليؤكد أنه أخيراً “هُرِّب من خلف ظهر كل النواب”، أعلن “أن أزمة مرسوم الاقدمية ما زالت تُراوح مكانها، ولا شيء إيجابياً بعد، ولا تزال الأمور جامدة ولا جديد”.

وفي موازاة ذلك، انشغلتْ بيروت بالجولة التي بدأها السفير السعودي الجديد في بيروت وليد اليعقوب على القيادات اللبنانية بعدما قدّم الأربعاء الماضي أوراق اعتماده إلى عون في تطورٍ أنهى أزمة ديبلوماسية كانت تلوح في أفق علاقة البلدين، على خلفية اعتبار الرئاسة الأولى ان الرياض تأخّرتْ في قبول اعتماد السفير المعيّن لديها وهو ما ردّت عليه (والخارجية) بالتأخر في تحديد موعد لليعقوب لتقديم أوراق اعتماده، الى ان وافقتْ المملكة على اعتماد فوزي كبارة ففُتح الطريق أمام بدء مسار تطبيع العلاقات الذي اضطلع الحريري بدور رئيسي فيه.

واختار اليعقوب امس ان تكون أول زيارة يقوم بها لرئيس حزب لبناني لمعراب حيث التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ، الذي أكد أنّه “مرّت غيمة في سماء العلاقة بين والسعودية قبل مدّة ولم تترك أي أثر على العلاقة التاريخية بين البلدين”، مشدّداً على أنّ «من الضروري أن يلتزم كلّ الفرقاء بـ”النأي بالنفس” وعدم التعرض للمملكة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الجميّل: ترهيبكم لم يسكت يوماً أصوات الحق
التالى بين الملفّ الحدودي والرئاسة: العين على العماد عون