أخبار عاجلة
خلال شهر رمضان.. كيف تستعد لإجراء الجراحة؟ -
كيف يمكنك مقاومة السجائر فى نهار رمضان؟ -
كيف يمكن أن تقاوم السجائر في نهار رمضان؟ -

لاجئ أمنيته الموت في أرضه

لاجئ أمنيته الموت في أرضه
لاجئ أمنيته الموت في أرضه

إشترك في خدمة واتساب

قصة و تصوير

"دفنت أبي وشقيقي ومستقبلي ومشيت" بهذه العبارة يتذكر كرموا الحر ما حل بأسرته وأقربائه وجيرانه على أثر مجزرة القصير عام 2011

يشعل السيجارة ويسرح مع دخانها مُتَذَكِّرًا دخان المنبعث من دبابات ومدرعات النظام السوري التي دخلت منطقة القصير رَدًّا على المظاهرات السلمية التي خرجت تَنْدِيدًا بمقتل الطفل حمزة الخطيب والمطالبة بالحرية والكرامة الإنسانية المفقودة

"من حقنا أن نعيش بكرامة يقول كرموا الحر فنحن فلاحون نعيش من خيرات الأرض التي نملكها على ضفاف نهر العاصي"، كرموا ليس الوحيد في جيله الذي اضطره الوضع الاقتصادي المتردي إلى ترك التعليم في سن مبكر " أبي لا يملك المال لتعليمنا فتركت مقاعد الدراسة واتجهت إلى سوق العمل ومساعدة أبي في زراعة الأرض كنت أعمل في الباطون والعمارة لتأمين الحد الأدنى من العيش"

القانون ليس كتاب منزل بل هول من وضع البشر وعلي السلطات تطوير القوانين بما يخدم المواطنين، يحدثنا كرموا عن الظلم اللاحق بالفلاحين الذين لا يمكنهم بيع محصولهم من القمح إلا للنظام "نحن نملك الأرض ونزرع ونحصد ومن ثم تأتي الدولة وتأخذه بأسعار منخفضة (ببلاش) ومن ثم تبيعنا القمح من مخازنها بأسعار مرتفعة لتأمين مونتنا السنوية"

معاناة السورين مع النظام الصحي المطبق من قبل النظام لا توصف فشعاره مجانية الطبابة تفوق على جودة الخدمات الصحية المقدمة لهم "إذا مرض أحدنا لا يمكن دخول المشفى فالدخول يحتاج التسجيل على لائحة الانتظار وخاصة لمرضى غسل الكلأ أو بالواسطة".

لماذا نتعلم؟ يسأل كرموا ليجيبك بغضب "شبابنا يدرسون ويتخرجون من الجامعات ولا يقبلون في وظائف الدولة بينما أشخاص لا يجيدون القراءة والكتابة يدخولون ويرقون في دولة الأسد بالواسطة"

يختصر كرموا معاناة السورين مع النظام بعبارة "إذا ما عندك ظهر مش ممكن تعيش"، مبرراُ انتفاضة الشعب بوجه انظام  "نحن شعب يريد أن يعيش بكرامة وحرية وهذا أبسط الحقوق"

بعد ما يزيد عن إحدى عشر سنه يسرد كرموا الأحداث بتفاصيلها كأنها حدثت اليوم فيقول: "استمرت المظاهرات سلمية حتى نهار الأربعاء الواقع 21/11/2011 يوما دخل جيش النظام السوري بدباباته ومدرعاته ودارت معركة استمرت ليومين سقط خلالها أعداد كبيرة من أبناء المنطقة يومها تشكل الجيش الحر في القصير من ثلاثين شخصا تمكنوا بمساعدة الأهالي من ردع قوات النظام وأوقفوا تقدمهم وأعلنت الهدنة نهار الخميس 22/11/2011"

نهار الجمعة 23/11/2011 "خرج أبناء القصير إلى أرضهم ونحن خرجنا إلى البستان مع مجموعة من الأصدقاء والأقارب لتناول الفطور، ذهب أبي لإحضاره من الحي القريب لنا في الطريق شاهد تقدم الجيش نحو البساتين عاد مسرعاً لأخبارنا لم يستطع الوصول إلينا لقد اوصيب على مقربة من تواجدنا قبل أن ينطق بكلمة واحدة، أمطرت المنطقة بالرصاص وقاظفات آر بي جي اخترقت واحد منها رأس أخي البالغ 16 عاما اختبأت خلف الغرفة الموجودة مُحَاوِلاً سحب جثمان أخي بينما ابي كان ينزف ويقول لي اهرب من هنا عاودة المحاولة علي انقظ أبي من الموت وهو يعيد نفس العباره اهرب اهرب من هون".

حين يحدثك كرموا تتخيل للوهلة الأولى أنك تسمع تقريرا إذاعيا يروي فيه المذيع نص الحادثة مكتوبا أمامه "منظر لا يمكن نسيانه الى اليوم ماثل امامي ابي يحتضن اخي ويصرخ عدنان حتى وصل جيش النظام اليهم "

ما زال كرموا يحتفظ بصور ومقاطع فيديو للأحداث في جواله يعود إليها كل يوم شارح بغصة ما حدث ، "عذب أبي أمام أعيني وهو ما زال على قيد الحياة ركله الجنود وبأعقاب البواريد ضربوه حتى أحدثوا فجوة في رأسه قبل أن يطلقوا عليه أكثر من ثلاثين طلقة"

الأحداث المفاجأة قد تضعك أمام خيارت غير محتملة وربما في الأيام العادية لا يمكنك التفكير بها "اختبأت لأكثر من ساعتين تحت الماء حتى تمكنت من مغادرة المكان تَارِكًا جثمان أبي وأخي وخالي والأقارب على الأرض"

يعاود كرموا لحظات استلام الجثامين من المشفى العسكري في حمص ودمعة تقف على جفنيه رافضة النزول "رفض النظام السوري تسليمنا الجثامين قبل التوقيع على وثيقة تفيد أن عصابات مسلحة إرهابية اشتبكت مع بعضها وقتلوا بعضهم"

بلغ عدد شهداء المجزرة 13 شهيداً وتم دفنهم في المقبرة الكبرى بجانب مفرزة النظام الذي استنفر كل قواته خوفا من ردة الفعل على جريمته، يقول كرموا عن يوم التشيع "القصير خرجت بأكملها لتوديع الشهداء وتقبلنا العزاء في ساحة العامة لثلاثة أيام"

"اخي الصغير ولد بعد استشهاد ابي" يخبرنا كرموا عما  تبقى من أسرته التي أصبح مسؤول عنها وكيف أخرجهم من القصير بعد أن اشتد الحصار والقصف إلى منطقة حسياء في حمص

لقاء وفراق عاشها كرموا الحر مع أسرته من القصير وصولا إلى مخيم للاجئين السورين في منطقة عرسال

يعيش كرموا سباقا مع الزمن فهو الشاب الذي كبر قبل عمره بسنوات تحمل مسؤولية عائلة قبل زواجه ويفتخر أنه مكافح من أجل لقمة العيش "تنقلت في مختلف المناطق اللبنانية باحثاً عن عمل يؤمن لي جزءا من الاستقرار فالمسؤولية كبيرة جِدًّا"

يقيم كرموا الحر مع زوجته وابنته وابنه في منزل يفتقد أبسط مقومات العيش لكنه لا يفقده الأمل "أنا لا خيار أمامي سوى البقاء في لبنان إلى حين تحقيق أمنيتي بالعودة إلى أرض الوطن وأن أموت وادفن إلى جانب أبي وشقيقي في القصير ، يسقط النظام وأعود أو أسقط أنا في لبنان"

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى