كتب قاسم قصير
منذ انطلاقة الحرب في غزة وتمدّدها إلى جبهات أخرى ومنها الجبهة اللبنانية، والحزب انخرط في دراسة وبحث أبعاد هذه الحرب وانعكاساتها على لبنان والمنطقة.
انخرط الحزب في هذه المعركة وفقاً لرؤية متكاملة تنطلق من دعم قوى المقاومة في فلسطين ومواجهة أيّ عدوان إسرائيلي على لبنان والعمل لعدم التوسّع في دائرة المواجهة إلا عند الضرورة القصوى.
شكّلت المواجهات التي خاضتها المقاومة الإسلامية في لبنان إلى جانب فصائل أخرى لبنانية وفلسطينية تطوّراً مهمّاً على صعيد الوضع في جنوب لبنان وآليات المواجهة وانعكاساتها السياسية والأمنيّة والاجتماعية والعسكرية.
لذا حرصت قيادة الحزب خلال الأسابيع الماضية على عدم الخوض في أيّ سجالات داخلية حول كلّ الملفّات العالقة، ومنها ملفّ الشغور في موقع قيادة الجيش، وكذلك عدم السماح بأيّ سجالات مع بقيّة الأطراف اللبنانية بشأن الموقف من الحرب وتداعياتها. وسارعت قيادة الحزب إلى وقف الحملة الإعلامية التي شنّها بعض المؤيّدين في بيئة الحزب على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حول مواقفه من الحرب والدعوة إلى جمع التبرّعات لدعم أهل الجنوب. وعقد المسؤولون في الحزب اجتماعات مع شخصيات قريبة من البطريرك من أجل وقف السجالات وبحث كيفية التعاون لمواجهة تداعيات الحرب.
تواصل مع الداخل والخارج
كانت قيادة الحزب على تواصل مع كلّ المرجعيات السياسية والدينية، وكذلك مع العديد من البعثات الدبلوماسية وقوات الطوارىء الدولية وقيادة الجيش وبعض الشخصيات الأمنيّة الناشطة على خطوط التواصل داخلياً وخارجياً. كان الهدف مواكبة مختلف التطوّرات وتدعيم الموقف اللبناني الداخلي ودراسة كلّ الاحتمالات المتوقّعة وكيفية مواجهة كلّ التطوّرات الداخلية والخارجية.
لكنّ الجانب الأهمّ في ما تقوم به قيادة الحزب حالياً، إضافة إلى مواكبة العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية والتواصل مع قادة قوى المقاومة في المنطقة، هو التحضير لمرحلة ما بعد الحرب في حال تحوّلت الهدنة المؤقّتة حالياً إلى هدنة دائمة أو في حال استمرّت الحرب ولو بشكل متقطّع.
وهنا يطرح السؤال التالي: ما هي الانعكاسات السياسية والأمنيّة والعسكرية على الوضع اللبناني؟
من خلال لقاءات مع عدد من قيادات الحزب ومواكبة المواقف التي يطلقها المسؤولون في الحزب حول الأوضاع اللبنانية الداخلية يمكن القول إنّ “ما بعد حرب غزة ليس مثل ما قبلها”، وإنّه “سيكون لقيادة الحزب مواقف من مختلف التطوّرات، سواء ملفّ قيادة الجيش أو رئاسة الجمهورية أو الاستراتيجية الدفاعية أو تنفيذ القرار 1701 وغير ذلك من الملفّات العالقة”.
توضح الأوساط المطّلعة على أجواء قيادة الحزب الداخلية أنّ “الحزب سيكون أكثر تشدّداً في مواقفه ولن يقبل بالمعادلات التي كانت قائمة قبل الحرب على غزّة، خصوصاً أنّ تلك الحرب كشفت عن الوجه الحقيقي للعدوّ الصهيوني والقوى الدولية والإقليمية وأنّه لا يمكن الاطمئنان أبداً للجهات الدولية ودورها في العالم”.
كما أنّ هذه الحرب “أكّدت ثبات وقوّة محور المقاومة والتنسيق بين قادته وقواه، وأفرزت واقعاً دولياً وإقليمياً جديداً ستكون له انعكاساته على لبنان ودول المنطقة”.
تختم هذه الأوساط بأنّه “على الرغم من التضحيات الكبيرة التي قدّمها الحزب خلال الحرب، وخصوصاً العدد الكبير من الشهداء وما جرى في المناطق الحدودية من معارك مباشرة، فإنّ الحزب خرج أقوى شعبياً وسياسياً، وأصبح مسلّحاً بجبهة داخلية قوية وقد تراجعت أجواء السجالات والضغوط التي كان يتعرّض لها سابقاً، سواء من الحلفاء أو الجهات التي كان مختلفاً معها أو من الجهات الخارجية. وكان للحزب دور مهمّ في إدارة المعركة ضمن قواعد محدّدة. وسيكون لكلّ ذلك دوره في تحديد طبيعة المواقف من مختلف الموضوعات، كما سيكون هناك استراتيجيات جديدة في الأداء السياسي والأمنيّ والعسكري والإعلامي.
قد تكون إطلالات الأمين العامّ للحزب وقياداته في الأيام المقبلة مؤشّراً إلى طبيعة المواقف، كذلك نتائج الهدنة في غزة والاحتمالات المتوقّعة بعد الهدنة هي المعيار الأوّل لهذه المواقف المنتظرة